الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2172 حدثنا القعنبي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز قال دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل فقال أبو سعيد خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا الفداء فأردنا أن نعزل ثم قلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله عن ذلك فسألناه عن ذلك فقال ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( في غزوة بني المصطلق ) : بكسر اللام قبيلة من بني خزاعة من العرب . ( فأصبنا سبايا من سبي العرب ) : قال النووي : فيه دليل على أن العرب يجري عليهم الرق إذا كانوا مشركين لأن بني المصطلق قبيلة من خزاعة وهو مذهب مالك والشافعي وقال أبو حنيفة والشافعي في القديم لا يجري عليهم الرق لشرفهم ( واشتدت علينا العزبة ) : بضم العين أي قلة الجماع ( وأحببنا الفداء ) : أي احتجنا إلى الوطء وخفنا من الحبل فتصير أم ولد فيمتنع بيعها وأخذ الفداء فيها ( فأردنا أن نعزل ) : أي من السبايا مخافة الحبل ( ثم قلنا ) : أي في أنفسنا أو بعضنا لبعض ( نعزل ) : بحذف الاستفهام ( ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا ) : أي بيننا والجملة حالية معترضة ( فسألناه عن ذلك ) : أي عن العزل أو جوازه ( ما عليكم أن لا تفعلوا إلخ ) : قال النووي : معناه ما عليكم ضرر في ترك العزل ، لأن كل نفس قدر الله خلقها لا بد أن يخلقها سواء عزلتم أم لا وما لم يقدر خلقها لا يقع سواء عزلتم أم لا ، فلا فائدة في عزلكم انتهى . [ ص: 173 ] قال في النيل : وقع في رواية للبخاري وغيره : لا عليكم أن لا تفعلوا . قال ابن سيرين : هذا أقرب إلى النهي . وحكى ابن عون عن الحسن أنه قال : والله لكأن هذا زجر .

                                                                      قال القرطبي كأن هؤلاء فهموا من لا النهي عما سألوا عنه ، فكأنه قال لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا ويكون قوله : وعليكم إلى آخره تأكيدا للنهي . وتعقب بأن الأصل عدم هذا التقدير وإنما معناه ليس عليكم أن تتركوا وهو الذي يساوي أن لا تفعلوا . وقال غيره معنى لا عليكم أن لا تفعلوا أي لا حرج عليكم أن لا تفعلوا ، ففيه نفي الحرج عن عدم الفعل ، فأفهم ثبوت الحرج في فعل العزل ، ولو كان المراد نفي الحرج عن الفعل لقال لا عليكم أن تفعلوا إلا أن يدعي أن لا زائدة فيقال الأصل عدم ذلك انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية