الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2299 قالت زينب وسمعت أمي أم سلمة تقول جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال حميد فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طائر فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره قال أبو داود الحفش بيت صغير

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قالت زينب وسمعت أمي أم سلمة ) : هذا هو الحديث الثالث ، وأم سلمة بدل من أمي ( إن ابنتي توفي زوجها عنها ) : واسمه المغيرة المخزومي ( وقد اشتكت عينها ) : وفي بعض النسخ عينيها بصيغة التثنية . قال ابن دقيق العيد : يجوز فيه وجهان ضم النون على الفاعلية على أن تكون العين هي المشتكية وفتحها على أن يكون في اشتكت ضمير الفاعل ، وهي المرأة ورجح هذا ، ووقع في بعض الروايات عيناها يعني وهو يرجح الضم ، وهذه الرواية فيمسلم ، وعلى الضم اقتصر النووي ، وهو الأرجح ، والذي رجح الأول هو المنذري ( نكحلها ) : بالنون المفتوحة وبضم الحاء ، وفي بعض النسخ أفنكحلها بذكر الهمزة وفي بعضها أفتكحلها بتاء التأنيث والضمير البارز إليها أو إلى عينها ( لا ) : أي لا تكحلها ( مرتين أو ثلاثا ) : أي قال مرتين أو ثلاثا ( كل ذلك ) : بالنصب ( يقول لا ) : قال الطيبي : صفة مؤكدة لقوله ثلاثا .

                                                                      قال النووي : فيه دليل على تحريم الاكتحال على الحادة سواء احتاجت إليه أم لا . وجاء في الحديث الآخر في الموطأ وغيره في حديث أم سلمة : اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار .

                                                                      ووجه الجمع بين الأحاديث أنها إذا لم تحتج إليه لا يحل لها ، وإن احتاجت لم يجز بالنهار ويجوز بالليل ، مع أن الأولى تركه ، فإن فعلته مسحته بالنهار إنما هي أي العدة الشرعية ( أربعة أشهر وعشرا ) : بالنصب على حكاية لفظ القرآن .

                                                                      قال الحافظ : ولبعضهم بالرفع وهو واضح ( ترمي بالبعرة ) : بفتح الموحدة والعين وتسكن [ ص: 324 ] وهي روث البعير ( على رأس الحول ) : أي في أول السنة ( قال حميد ) : هو ابن نافع راوي الحديث ، وهو موصول بالإسناد المبدوء به ( وما ترمي بالبعرة ) : أي بيني لي المراد بهذا الكلام الذي خوطبت به هذه المرأة .

                                                                      ( دخلت حفشا ) : بكسر الحاء المهملة وإسكان الفاء وبالشين المعجمة أي بيتا صغيرا حقيرا قريب السمك ( ولم تمس ) : بفتح التاء الفوقية والميم ( حتى تمر بها سنة ) : أي من وفاة زوجها ( ثم تؤتى ) : بضم أوله وفتح ثالثه ( بدابة ) : بالتنوين قال في القاموس : ما دب من الحيوان وغلب على ما يركب ويقع على المذكر ( حمار ) : بالتنوين والجر على البدل ( أو شاة أو طائر ) : أو للتنويع لا للشك ، وإطلاق الدابة عليهما بطريق الحقيقة اللغوية كما مر ( فتفتض به ) : بفاء فمثناة فوقية ففاء ثانية ففوقية أخرى فضاد معجمة مشددة . قال ابن قتيبة : سألت الحجازيين عن الافتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تمس ماء ولا تقلم ظفرا ولا تزيل شعرا ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تفتض أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه فلا يكاد يعيش بعد ما تفتض به .

                                                                      وقال الخطابي : هو من فضضت الشيء إذا كسرته وفرقته أي أنها كانت تكسر ما كانت فيه من الحداد بتلك الدابة . قال الأخفش : معناه تتنظف به ، وهو مأخوذ من الفضة تشبيها له بنقائها وبياضها ، وقيل تمسح به ثم تفتض أي تغتسل بالماء العذب حتى تصير بيضاء نقية كالفضة . وقال الخليل : الفضيض الماء العذب يقال افتضضت أي اغتسلت به ، كذا قال القسطلاني ( فقلما تفتض بشيء ) : أي مما ذكر ( إلا مات ) : أي ذلك الشيء ( فتعطى ) : بصيغة المجهول ( فترمي بها ) : في رواية ابن الماجشون عن مالك : فترمي بها أمامها فيكون ذلك إحلالا لها . وفي رواية ابن وهب : من وراء ظهرها . قاله القسطلاني ( ثم تراجع بعد ) : أي بعد ما ذكر من الافتضاض والرمي ( من طيب أو غيره ) : مما كانت ممنوعة منه في العدة .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية