الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في المتوفى عنها تنتقل

                                                                      2300 حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قالت فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال كيف قلت فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي قالت فقال امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به [ ص: 325 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 325 ] ( أن الفريعة ) : بضم فاء وفتح راء ( بنت مالك بن سنان ) : بكسر أوله ( وهي ) : أي الفريعة ( أخبرتها ) : أي أخبرت الفريعة زينب ( تسأله ) : حال ( في بني خدرة ) : بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة أبو قبيلة ( في طلب أعبد ) : بفتح فسكون فضم جمع عبد ( أبقوا ) : بفتح الموحدة أي هربوا ( بطرف القدوم ) : بفتح القاف وتشديد الدال وتخفيفها أيضا موضع على ستة أميال من المدينة ( ولا نفقة ) : بالجر أي ولا في نفقة ( في الحجرة ) : أي الحجرة الشريفة ( أو في المسجد ) : أي النبوي ، وهو مسجد المدينة ( دعاني ) : أي دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أو أمرني ) : وفي بعض النسخ أمر بي ، والشك من الفريعة ( فدعيت له ) : أي نوديت وطلبت عنده ( فرددت عليه ) : أي أعدت عليه ما قلته سابقا ( فقال امكثي ) بضم الكاف أي توقفي واثبتي ( في بيتك ) : أي الذي كنت فيه ( حتى يبلغ الكتاب ) : أي العدة المكتوب عليها أي المفروضة ( أجله ) : أي مدته .

                                                                      والمعنى حتى تنقضي العدة وسميت العدة كتابا ; لأنها فريضة من الله تعالى قال تعالى كتب عليكم أي فرض ، وهو اقتباس من قوله تعالى ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ونظائر الاقتباس في الأخبار كثيرة ، ولا [ ص: 326 ] عبرة لقول من كرهه ، كما بسطه السيوطي في الإتقان ( فلما كان عثمان بن عفان ) : أي خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وفي رواية مالك فلما كان أمر عثمان ( فاتبعه وقضى به ) : أي اتبع عثمان ما أخبرته به وحكم به .

                                                                      قال العلامة القاضي الشوكاني في النيل : قد استدل بحديث فريعة على أن المتوفى عنها تعتد في المنزل الذي بلغها نعي زوجها وهي فيه ، ولا تخرج منه إلى غيره . وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم . وقد أخرج ذلك عبد الرزاق عن عمر وعثمان وابن عمر ، وأخرجه أيضا سعيد بن منصور عن أكثر أصحاب ابن مسعود والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسعيد بن المسيب وعطاء ، وأخرجه حماد عن ابن سيرين ، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم والأوزاعي وإسحاق وأبو عبيد .

                                                                      قال وحديث فريعة لم يأت من خالفه بما ينتهض لمعارضته فالتمسك به متعين .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حسن صحيح .




                                                                      الخدمات العلمية