الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2305 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه قال سمعت المغيرة بن الضحاك يقول أخبرتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء قال أحمد الصواب بكحل الجلاء فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء فقالت لا تكتحلي به إلا من أمر لا بد منه يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار ثم قالت عند ذلك أم سلمة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا فقال ما هذا يا أم سلمة فقلت إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعينه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قالت قلت بأي شيء أمتشط يا رسول الله قال بالسدر تغلفين به رأسك

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بنت أسيد ) : بفتح الهمزة وكسر السين ( فتكتحل بالجلاء ) : بالكسر والمد .

                                                                      قال الخطابي : كحل الجلاء هو الإثمد وسمي جلاء لأنه يجلو البصر ( يشتد عليك ) : الضمير المرفوع في يشتد يرجع إلى أمر والجملة صفة له ( حين توفي ) : بضمتين وتشديد الفاء المكسورة أي مات ( أبو سلمة ) : زوجها الأول قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وقد جعلت على عيني صبرا ) : بفتح صاد وكسر موحدة وفي نسخة بسكونها قال في القاموس : بكسر الباء ككتف ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر ، وقيل يجوز كلاهما على السوية ككتف وكتف . [ ص: 333 ] وقال الجعبري : الصبر معروف بفتح الصاد وكسر الباء وجاء إسكانها مع كسر الصاد وفتحها . وفي المصباح : الصبر بكسر الباء في المشهور دواء مر وسكون الباء للتخفيف لغة وروي مع فتح الصاد وكسرها فيكون فيه ثلاث لغات ( فقال ما هذا ) : أي ما هذا التلطخ وأنت في العدة ( إنه يشب ) : بفتح فضم فتشديد موحدة أي يوقد الوجه ويزيد في لونه ( وتنزعيه ) : بكسر الزاي عطف على قوله فلا تجعليه على معنى فاجعليه بالليل وانزعيه بالنهار ; لأن إلا في الاستثناء المفرغ لغو والكلام مثبت ، وحذف النون في تنزعيه للتخفيف وهو خبر في معنى الأمر ( قال بالسدر ) : أي امتشطي ( تغلفين ) : بحذف إحدى التاءين من تغلف الرجل بالغالية أي تلطخ بها ، أي تكثرين منه على شعرك حتى يصير غلافا له فتغطيه كتغطية الغلاف المغلوف ، وروي بضم التاء وكسر اللام من التغليف ، وهو جعل الشيء غلافا لشيء . كذا في المرقاة .

                                                                      قال في السبل : ذهب الجمهور ومالك وأحمد وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجوز أي للمعتدة في عدتها الاكتحال بالإثمد مستدلين بحديث أم سلمة الذي أخرجه أبو داود يعني هذا الحديث المذكور آنفا قال ابن عبد البر : وهذا عندي ، وإن كان مخالفا لحديثها الآخر الناهي عن الكحل مع الخوف على العين إلا أنه يمكن الجمع بأنه - صلى الله عليه وسلم - عرف من الحالة التي نهاها أن حاجتها إلى الكحل خفيفة غير ضرورية والإباحة في الليل لدفع الضرر بذلك قلت : ولا يخفى أن فتوى أم سلمة قياس منها للكحل على الصبر ، والقياس مع النص الثابت والنهي المتكرر لا يعمل به عند من قال بوجوب الإحداد انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي ، وأمها مجهولة .




                                                                      الخدمات العلمية