الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      281 حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن سهيل يعني ابن أبي صالح عن الزهري عن عروة بن الزبير حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل قال أبو داود ورواه قتادة عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي قال أبو داود لم يسمع قتادة من عروة شيئا وزاد ابن عيينة في حديث الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها قال أبو داود وهذا وهم من ابن عيينة ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري إلا ما ذكر سهيل بن أبي صالح وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة لم يذكر فيه تدع الصلاة أيام أقرائها وروت قمير بنت عمرو زوج مسروق عن عائشة المستحاضة تترك الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل و قال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها وروى أبو بشر جعفر بن أبي وحشية عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فذكر مثله وروى شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي وروى العلاء بن المسيب عن الحكم عن أبي جعفر أن سودة استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم إذا مضت أيامها اغتسلت وصلت وروى سعيد بن جبير عن علي وابن عباس المستحاضة تجلس أيام قرئها وكذلك رواه عمار مولى بني هاشم وطلق بن حبيب عن ابن عباس وكذلك رواه معقل الخثعمي عن علي رضي الله عنه وكذلك روى الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها قال أبو داود وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها قال أبو داود لم يسمع قتادة من عروة شيئا [ ص: 355 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 355 ] ( أو أسماء حدثتني أنها أمرتها ) : أي أسماء ( فاطمة ) : فاعل أمرتها ، وهذه الرواية على التردد هل روى عروة عن أسماء بنت عميس أو فاطمة بنت أبي حبيش . وقد وقع في رواية للمؤلف والدارقطني من طريق خالد عن سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت : قلت يا رسول الله فاطمة بنت أبي عميس استحيضت منذ كذا وكذا ، فذكر الحديث بطوله بلفظ آخر ( فأمرها ) : أي فاطمة ( أن تقعد ) : وتكف نفسها عن فعل ما تفعله الطاهرة ( كانت تقعد ) : قبل ذلك الداء ( ثم تغتسل ) : بعد انقضاء تلك الأيام التي عدتها للحيض وفيه دليل لمن ذهب إلى أن الاعتبار للعادة لا للتمييز . قالالمنذري حسن ( وهذا ) : أي هذا اللفظ وهو قوله : فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها ( وهم من ابن عيينة ) : فهو مع كونه حافظا متقنا قد وهم في رواية هذه الجملة ( ليس هذا ) : اللفظ المذكور ( في حديث الحفاظ ) : كعمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب والأوزاعي ومعمر وغيرهم ، وستعرف ألفاظهم بتمامها بعد هذا الباب ( إلا ما ذكر سهيل بن أبي صالح ) : عن الزهري في الحديث المتقدم فأصحاب الزهري غير سفيان بن [ ص: 356 ] عيينة رواه عن الزهري مثل ما رواه سهيل بن أبي صالح وهو قوله فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ( لم يذكر فيه ) : أي في حديثه هذه الجملة . ولقائل أن يقول إن الوهم ليس من ابن عيينة بل من راويه أبي موسى محمد بن المثنى فهو ذكر هذه الجملة في روايته عن ابن عيينة وأما الحميدي فلم يذكرها فالقول ما قال الحميدي لأنه أثبت أصحاب ابن عيينة لازمه تسع عشرة سنة .

                                                                      وحاصل الكلام أن جملة تدع الصلاة أيام أقرائها ليست بمحفوظة في رواية الزهري ولم يذكرها أحد من حفاظ أصحاب الزهري غير ابن عيينة وهو وهم فيه والمحفوظ في رواية الزهري إنما قوله : فأمرها أن تقعد الأيام كانت تقعد ومعنى الجملتين واحد لكن المحدثين معظم قصدهم إلى ضبط الألفاظ المروية بعينها ، فرووها كما سمعوا ، وإن اختلطت رواية بعض الحفاظ في بعض ميزوها وبينوها . ( وهو قول الحسن إلخ ) : وحاصل الكلام أن علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم من الصحابة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحولا والنخعي وسالم بن عبد الله والقاسم من التابعين ، كلهم قالوا إن المستحاضة تدع الصلاة [ ص: 357 ] أيام أقرائها ، فهؤلاء من القائلين بما ترجم به المؤلف في الباب بقوله : ومن قال تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض ، فعند هؤلاء ترجع المستحاضة إلى عادتها المعروفة إن كانت لها عادة والله تعالى أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية