الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2966 حدثنا مسدد حدثنا إسمعيل بن إبراهيم أخبرنا أيوب عن الزهري قال قال عمر وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب قال الزهري قال عمر هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة قرى عرينة فدك وكذا وكذا ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وللفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم والذين جاءوا من بعدهم فاستوعبت هذه الآية الناس فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق قال أيوب أو قال حظ إلا بعض من تملكون من أرقائكم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال عمر ) في هذه الآية الكريمة { وما أفاء الله على رسوله } : أي ما رد الله على رسوله { منهم } : أي من يهود بني النضير { فما أوجفتم عليه } : يعني أوضعتم وهو سرعة السير { من خيل ولا ركاب } : يعني الإبل التي تحمل القوم ، وذلك أن بني النضير لما تركوا رباعهم وضياعهم طلب المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسمها بينهم كما فعل بغنائم خيبر ، فبين الله تعالى في هذه الآية أنها لم يوجف المسلمون عليها خيلا ولا ركابا ولم يقطعوا إليها شقة ولا نالوا مشقة ، وإنما كانوا يعني بني النضير على ميلين من المدينة فمشوا [ ص: 148 ] إليها مشيا ، ولم يركب إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جمل . وتمام الآية ولكن الله يسلط رسله على من يشاء : من أعدائه والله على كل شيء قدير : أي فهي له خاصة يضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة . كذا في تفسير الخازن ( قرى عرينة ) : بإضافة قرى إلى عرينة ، وهو بدل من قوله هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعرينة بالنون بعد الياء التحتانية تصغير عرنة موضع به قرى كأنه بنواحي الشام كذا في المراصد ( فدك ) : بحذف الواو العاطفة أي وفدك وهو بالتحريك وآخره كاف قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم صلحا فيها عين فوارة ونخل .

                                                                      كذا في المراصد ( وكذا وكذا ) : أي مثل أموال قريظة والنضير ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) : يعني من أموال كفار أهل القرى .

                                                                      قال ابن عباس : هي قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة ( فلله وللرسول ولذي القربى ) : يعني بني هاشم وبني عبد المطلب ( واليتامى والمساكين وابن السبيل ) : وتمام الآية كيلا يكون : الفيء دولة : والدولة اسم الشيء الذي يتداوله القوم بينهم بين الأغنياء منكم : يعني بين الرؤساء والأقوياء فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه وهو المرباع ثم يصطفي بعده ما شاء ، فجعله الله لرسوله صلى الله عليه وسلم يقسمه فيما أمره به ( وللفقراء الذين ) : يشير إلى قوله تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون : يعني فلهم الحق من الفيء { والذين تبوءوا الدار والإيمان } : يعني الأنصار توطنوا الدار وهي المدينة واتخذوها سكنا ( من قبلهم ) : يعني أنهم أسلموا في ديارهم وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين .

                                                                      والمعنى والذين تبوءوا الدار من قبل المهاجرين وقد آمنوا وتمام الآية يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [ ص: 149 ] يعني فلهم الحق من الفيء ( والذين جاءوا من بعدهم ) : يعني من بعد المهاجرين والأنصار وهم التابعون لهم إلى يوم القيامة وتمام الآية يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ( فاستوعبت هذه الآية ) : أي والذين جاءوا من بعدهم وأحاطت عامة المسلمين ( قال أيوب ) : السختياني ( أو قال حظ ) مكان قوله حق ( إلا بعض من تملكون من أرقائكم ) : جمع رقيق أي إلا عبيدكم وإمائكم فإنهم ليس لهم حق من هذا الفيء لأنهم تحت سيدهم وفي ملكهم .

                                                                      والحاصل أن عمر بن الخطاب رأى أن الفيء لا يخمس بل مصرف جميعه واحد ولجميع المسلمين فيه حق وقرأ عمر ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى حتى بلغ للفقراء المهاجرين إلى قوله والذين جاءوا من بعدهم ثم قال : هذه استوعبت المسلمين عامة قال وما على وجه الأرض مسلم إلا وله في هذا الفيء حق إلا ما ملكت إيمانكم " قال المنذري : وهذا منقطع الزهري لم يسمع من عمر .




                                                                      الخدمات العلمية