الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2985 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن الحارث ابن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولا له يا رسول الله قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات فلنؤد إليك ما يؤدي العمال ولنصب ما كان فيها من مرفق قال فأتى علي بن أبي طالب ونحن على تلك الحال فقال لنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا والله لا نستعمل منكم أحدا على الصدقة فقال له ربيعة هذا من أمرك قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نحسدك عليه فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال أنا أبو حسن القرم والله لا أريم حتى يرجع إليكما ابناي بجواب ما بعثتما به إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد المطلب فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت فصلينا مع الناس ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأذني وأذن الفضل ثم قال أخرجا ما تصرران ثم دخل فأذن لي وللفضل فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلا ثم كلمته أو كلمه الفضل قد شك في ذلك عبد الله قال كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئا حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لا تعجلا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرنا ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال لنا إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ادعوا لي نوفل بن الحارث فدعي له نوفل بن الحارث فقال يا نوفل أنكح عبد المطلب فأنكحني نوفل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا لي محمئة بن جزء وهو رجل من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمئة أنكح الفضل فأنكحه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا لم يسمه لي عبد الله بن الحارث

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أن أباه ) : أي أبا عبد المطلب ( ربيعة بن الحارث ) : بدل من أباه [ ص: 161 ] ( وأوصلهم ) : اسم تفضيل من الصلة ( ما يصدقان ) : من أصدق أي ما يؤديان به المهر ( ولنصب ) : من الإصابة ( ما كان ) : ما موصولة وهي اسم كان ( فيها ) : أي في الصدقة ( من مرفق ) : بكسر الميم وفتحها أي من منفعة وهو بيان لـ ما الموصولة . ومرفق هو من الأمر ما انتفعت به واستعنت به ومنه ويهيئ لكم من أمركم مرفقا والمعنى والله أعلم أنا نؤدي إليك ما يحصل من رأس أموال الصدقات وأما أجرة العمالة وما يحصل للمصدقين من غير أموال الصدقة وغير ذلك من المنافع فهو لنا ( هذا من أمرك ) : في رواية الطبراني أن " هذا من حسدك " ( قد نلت ) : من النيل بمعنى يافتن ( أنا أبو حسن القرم ) : بتنوين حسن وأما القرم فبالراء الساكنة مرفوع وهو السيد وأصله فحل الإبل . قاله النووي . قال الخطابي : هو في أكثر الروايات بالواو وكذلك رواه لنا ابن داسة بالواو وهذا لا معنى له وإنما هو القرم بالراء ، وأصل القرم في الكلام فحل الإبل ، ومنه قيل للرئيس قرم ، يريد بذلك أنه المتقدم في الرأي والمعرفة بالأمور فهو فيهم بمنزلة القرم في الإبل ( لا أريم ) : أي لا أبرح ولا أفارق مكاني ( بحور ما بعثتما به ) : بفتح الحاء المهملة وسكون الواو أي بجواب المسألة التي بعثتما فيها وبرجوعها وأصل الحور الرجوع ، يقال كلمه فما أحار جوابا أي ما رد جوابا قاله الخطابي وفي بعض النسخ " بجواب ما بعثتما به " ( ما تصرران ) : بضم التاء وفتح الصاد وكسر الراء وبعدها راء أخرى ومعناه تجمعانه في صدوركما من الكلام وكل شيء جمعته فقد صررته [ ص: 162 ] قاله النووي . قال الخطابي أي ما تكتمان وما تضمران من الكلام ، وأصله من الصر وهو الشد والإحكام ( فتواكلنا الكلام ) : أي وكل كل منا الكلام إلى صاحبه يريد أن يبتدئ الكلام صاحبه دونه ( قبل سقف البيت ) : بكسر القاف وفتح الموحدة أي نحوه ( تلمع ) : بضم التاء وإسكان اللام وكسر الميم ويجوز فتح التاء والميم يقال : ألمع ولمع إذ أشار بثوبه أو بيده .

                                                                      قاله النووي ( في أمرنا ) : أي مصروف ومتوجه إلى رد جوابك بحيث تنال إلى مرادك فلا تعجل . ونسبت زينب رضي الله عنها أمر الفضل إلى نفسها تلطفا معه ( إنما هي أوساخ الناس ) : أي إنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها كغسالة الأوساخ ( ادعوا لي محمية بن جزء ) : قال النووي : محمية بميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة وجزء بجيم مفتوحة ثم راء ساكنة ثم همزة هذا هو الأصح انتهى ( من الخمس ) : يحتمل أن يريد من سهم ذوي القربى من الخمس لأنهما من ذوي القربى ، ويحتمل أن يريد من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس . قاله النووي قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية