الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3022 حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة يعني ابن الفضل عن محمد بن إسحق عن العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس قلت والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه فإني لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتي فقال أبو الفضل قلت نعم قال ما لك فداك أبي وأمي قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس قال فما الحيلة قال فركب خلفي ورجع صاحبه فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم قلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه داره فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن قال فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عنوة ) : أي قهرا وغلبة ( قبل أن يأتوه ) : أي أهل مكة ، والضمير المنصوب للنبي صلى الله عليه وسلم ( فيستأمنوه ) : أي يطلبوا منه الأمان ( إنه لهلاك قريش ) : جواب الشرط ( أجد ذا حاجة ) : في الأمور خرج لإنجاحها ( لأسير ) : بصيغة المتكلم أي أسير في الطريق وأدور لكي أجد من يخبر أهل مكة بحال خروج النبي صلى الله عليه وسلم وترغيبهم لأجل طلب الأمان ( وبديل ) : بالتصغير يا أبا حنظلة : كنية أبي سفيان ( فعرف ) : أي أبو سفيان ( فقال أبو الفضل ) : هو كنية العباس أي فقال لي أبو سفيان أنت أبو الفضل ( والناس ) : أي المسلمون ( فركب ) : أي أبو سفيان ( ورجع صاحبه ) : هو بديل بن ورقاء ( فلما أصبح غدوت به ) : وتمام القصة كما [ ص: 200 ] في زاد المعاد فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه ، قال قلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت : والله لا يناجيه الليلة أحد دوني فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلا يا عمر فوالله لو كان من رجل بني عدي بن كعب ما قلت مثل هذا ، قال مهلا يا عباس والله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب ، لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب به يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبح فأتني به ، فذهبت فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئا بعد ، قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئا ، فقال له العباس ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب عنقك ، فأسلم وشهد شهادة الحق ( إلى دورهم ) : جمع دار ( وإلى المسجد ) : أي المسجد الحرام . واستدل بهذا الحديث من قال إن مكة فتحت صلحا لا عنوة .

                                                                      وقد اختلف العلماء فيه فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجماهير العلماء وأهل السير فتحت عنوة وقال الشافعي فتحت صلحا وادعى الماذري أن الشافعي انفرد بهذا القول وإن شئت الوقوف على تفاصيل دلائل الفريقين فعليك بفتح الباري للحافظ قال المنذري : في إسناده مجهول .




                                                                      الخدمات العلمية