الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب فيمن حلف على طعام لا يأكله

                                                                      3270 حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسمعيل عن الجريري عن أبي عثمان أو عن أبي السليل عنه عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال نزل بنا أضياف لنا قال وكان أبو بكر يتحدث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقال لا أرجعن إليك حتى تفرغ من ضيافة هؤلاء ومن قراهم فأتاهم بقراهم فقالوا لا نطعمه حتى يأتي أبو بكر فجاء فقال ما فعل أضيافكم أفرغتم من قراهم قالوا لا قلت قد أتيتهم بقراهم فأبوا وقالوا والله لا نطعمه حتى يجيء فقالوا صدق قد أتانا به فأبينا حتى تجيء قال فما منعكم قالوا مكانك قال والله لا أطعمه الليلة قال فقالوا ونحن والله لا نطعمه حتى تطعمه قال ما رأيت في الشر كالليلة قط قال قربوا طعامكم قال فقرب طعامهم فقال بسم الله فطعم وطعموا فأخبرت أنه أصبح فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي صنع وصنعوا قال بل أنت أبرهم وأصدقهم حدثنا ابن المثنى حدثنا سالم بن نوح وعبد الأعلى عن الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر بهذا الحديث نحوه زاد عن سالم في حديثه قال ولم يبلغني كفارة

                                                                      التالي السابق


                                                                      فأكل بعد ذلك هل يكفر .

                                                                      ( حدثنا إسماعيل ) ابن علية ( عن الجريري ) : بضم الجيم مصغرا هو سعيد بن أبي إياس ( عن أبي عثمان ) : عبد الرحمن بن مؤمل النهدي ( أو عن أبي السليل ) : هو ضريب بالتصغير آخره موحدة ابن نقير أبو السليل بفتح المهملة وكسر اللام القيسي [ ص: 125 ] الجريري ( عنه ) : أي عن أبي عثمان ( عن عبد الرحمن بن أبي بكر ) : الصديق والشك من مؤمل أو من إسماعيل ابن علية يروي إسماعيل عن الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أو يروي عن الجريري عن أبي السليل عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بزيادة واسطة أبي السليل بين أبي عثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر . واعلم أن هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في ثلاثة مواضع وليس فيه واسطة أبي السليل ، الأول : في كتاب الصلاة في باب السمر مع الأهل والضيف حدثنا أبو النعمان حدثنا معتمر بن سليمان حدثنا أبي ، حدثنا أبو عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر .

                                                                      والثاني : في علامات النبوة : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا معتمر عن أبيه حدثنا أبو عثمان أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر .

                                                                      والثالث : في كتاب الأدب باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف حدثنا عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر فذكر الحديث ، وكذا ليست الواسطة في رواية مسلم وحديثه في كتاب الأطعمة . وكذا ليست في السند الثاني لأبي داود ( نزل بنا أضياف ) : أي من أصحاب الصفة ، فعند البخاري : أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، وإن أربع فخامس أو سادس وأن أبا بكر جاء بثلاثة ( يتحدث ) : أي يتكلم ويمكث للحديث معه ( لا أرجعن إليك إلخ ) : وفي رواية البخاري إني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأفرغ من قراهم قبل أن أجيء ( ومن قراهم ) : بكسر القاف أي من ضيافتهم ( قالوا مكانك ) : أي منزلتك وقربك من النبي صلى الله عليه وسلم أو كونك رئيس البيت قاله السندي رحمه الله ( لا أطعمه الليلة ) : لأنه اشتد عليه تأخير عشائهم ( ما رأيت في الشر كالليلة ) : أي لم أر ليلة مثل هذه [ ص: 126 ] الليلة في الشر ( فأخبرت ) : بصيغة المجهول ( قال بل أنت أبرهم وأصدقهم ) : وفي رواية لمسلم فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بروا وحنثت ، قال فأخبره فقال بل أنت أبرهم وأخيرهم انتهى . والمعنى بروا في أيمانهم وحنثت في يميني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أنت أبرهم ؛ أي أكثرهم طاعة وخير منهم وأصدقهم ؛ لأنك حنثت في يمينك حنثا مندوبا إليه محثوثا عليه ، فأنت أفضل منهم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم بنحوه أتم منه . ( حدثنا ابن المثنى ) : هو محمد ( وعبد الأعلى ) : بن عبد الأعلى السلمي ( نحوه ) : وساق مسلم بتمامه من هذا الوجه ( زاد ) : أي محمد بن المثنى ( عن سالم ) : بن نوح دون عبد الأعلى ( ولم يبلغني كفارة ) : قال النووي : يعني لم يبلغني أنه كفر قبل الحنث .

                                                                      فأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه لقوله من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وكفر عن يمينه وهذا نص في عين المسألة مع عموم قوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية