الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      343 حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني ح حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قالا حدثنا محمد بن سلمة ح حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد وهذا حديث محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال أبو داود قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها قال ويقول أبو هريرة وزيادة ثلاثة أيام ويقول إن الحسنة بعشر أمثالها قال أبو داود وحديث محمد بن سلمة أتم ولم يذكر حماد كلام أبي هريرة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( وهذا حديث محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق ) الحاصل أن يزيد وعبد العزيز كلاهما يرويان عن محمد بن سلمة ، وأما موسى فيروي عن حماد ثم محمد بن سلمة وحماد بن سلمة كلاهما يرويان عن محمد بن إسحاق ، لكن هذا الحديث المروي هو لفظ محمد بن سلمة وليس لفظ حماد ( قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما ) عن محمد بن سلمة عن حمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا ) وأما موسى بن سلمة فخالف في بعض الإسناد ( ولبس من أحسن ثيابه ) وفيه استحباب التجمل والزينة يوم الجمعة الذي هو عيد للمسلمين ( فلم يتخط أعناق الناس ) أي لم يتجاوز رقاب الناس ولم يؤذهم وهو كناية عن التبكير أي على المصلي أن يبكر فلا يتخطى رقاب الناس ولا يفرق بين اثنين ولا يزاحم رجلين فيدخل بينهما لأنه ربما ضيق عليهما خصوصا في شدة الحر واجتماع الأنفاس ( ثم صلى ما كتب الله له ) أي يصلي ما شاء . وفيه دليل على أنه ليس قبل الجمعة مخصوصة مؤكدة ركعتان أو أربع ركعات مثلا كالسنة بعد الجمعة ، فالمصلي إذا دخل المسجد يوم الجمعة فله أن يصلي ما شاء متنفلا . وأما ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع من قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شيء منهن ففي إسناده بقية ومبشر بن عبيد والحجاج بن أرطاة وعطية العوفي وكلهم متكلم فيه ( ثم أنصت ) يقال : أنصت إذا سكت وأنصته إذا أسكته فهو لازم ومتعد والأول [ ص: 9 ] المراد هاهنا ( حتى يفرغ من صلاته ) أي يفرغ المصلي أو الإمام ، والأول أظهر ( كانت ) هذه المذكورات من الغسل ، ولبس أحسن الثياب ومس الطيب وعدم التخطي والصلاة النافلة والإنصات ( كفارة لما بينها ) أي الجمعة الحاضرة ( وبين جمعته التي قبلها ) قال الإمام الخطابي : يريد بذلك ما بين الساعة التي يصلي فيها الجمعة إلى مثلها من الجمعة الأخرى لأنه لو كان المراد به ما بين الجمعتين على أن يكون الطرفان وهما يوم الجمعة غير داخلين في العدد لكان لا يحصل له من عدد المحسوب أكثر من ستة أيام ، ولو أراد ما بينهما على معنى إدخال الطرفين فيه بلغ العدد ثمانية ، فإذا ضمت إليها الثلاثة المزيدة التي ذكرها أبو هريرة صار جملتها إما أحد عشر على أحد الوجهين ، وإما تسعة أيام على الوجه الآخر ، فدل على أن المراد به ما قلناه على سبيل التكسير لليوم ليستقيم الأمر في تكميل عدد العشرة . انتهى كلامه ( قال ويقول أبو هريرة وزيادة ثلاثة أيام ويقول إن الحسنة بعشر أمثالها ) قال هذا القول محمد بن سلمة ويحتمل أن يكون مقولة أبي سلمة بن عبد الرحمن الراوي عن أبي هريرة . فإن قلت : تكفير الذنوب الماضية بالحسنات وبالتوبة وبتجاوز الله تعالى ، وتكفير الذنوب الأيام الثلاث الآتية الزائدة على الأسبوع هو تكفير الذنب قبل وقوعه فكيف يعقل ، قلت المراد عدم المؤاخذة به إذا وقع ، ومنه ما ورد في صحيح مسلم في مغفرة ما تقدم من الذنب وما تأخر . قال المنذري : وأخرجه مسلم مختصرا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة وأدرج وزيادة ثلاثة أيام في الحديث .




                                                                      الخدمات العلمية