الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في إسبال الإزار

                                                                      4084 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن أبي غفار حدثنا أبو تميمة الهجيمي وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد عن أبي جري جابر بن سليم قال رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدروا عنه قلت من هذا قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت عليك السلام يا رسول الله مرتين قال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت قل السلام عليك قال قلت أنت رسول الله قال أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك قال قلت اعهد إلي قال لا تسبن أحدا قال فما سببت بعده حرا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة قال ولا تحقرن شيئا من المعروف وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف وارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه

                                                                      التالي السابق


                                                                      أي في إرساله وإرخائه .

                                                                      ( الهجيمي ) بضم الهاء وفتح الجيم ( وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد ) [ ص: 108 ] : أبو تميمة مبتدأ وقوله اسمه طريف بن مجالد خبره ( عن أبي جري ) : بضم الجيم وفتح الراء وتشديد الياء مصغرا ( جابر بن سليم ) : بالجر بدل من أبي جري ( يصدر الناس عن رأيه ) : أي يرجعون عن قبول قوله ، يعني يقبلون قوله .

                                                                      قال في المجمع شبه المنصرفين عنه صلى الله عليه وسلم بعد توجههم إليه لسؤال معادهم ومعاشهم بواردة صدروا عن المنهل بعد الري أي ينصرفون عما يراه ويستصوبونه ويعملون به

                                                                      ( لا يقول شيئا إلا صدروا عنه ) : قال في فتح الودود : أي يأخذون منه كل ما حكم به ويقبلون حكمه ( قال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت ) :

                                                                      قال الخطابي : هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلام كما يفعله كثير من العامة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، فقدم الدعاء على اسم المدعو له كهو في تحية الأحياء ، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر

                                                                      عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما

                                                                      وكقول الشماخ ،

                                                                      عليك سلام من أمير وباركت ، يد الله في ذاك الأديم الممزق

                                                                      .

                                                                      والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه والله أعلم انتهى

                                                                      ( الذي إذا أصابك إلخ ) : صفة لله عز وجل ( فدعوته ) : بصيغة الخطاب ( كشفه عنك ) : أي دفعه عنك ( عام سنة ) : أي قحط وجدب ( أنبتها لك ) : أي صيرها ذات نبات أي بدلها خصبا ( بأرض قفر ) : بفتح القاف وسكون الفاء أي خالية عن الماء والشجر ( أو فلاة ) أي مفازة ( فضلت راحلتك ) أي ضاعت وغابت عنك ( اعهد إلي ) : أي أوصني بما أنتفع به ( إن ذلك ) أي كلامك على الوجه المذكور ( وإياك وإسبال الإزار ) : أي احذر إرسال الإزار وإرخاءه من الكعبين ( فإنها ) : أي إسبال الإزار ( من المخيلة ) : بوزن عظيمة وهي بمعنى الخيلاء والتكبر ( فلا تعيره ) من التعيير وهو التوبيخ والتعييب على ذنب سبق لأحد [ ص: 110 ] من قديم العهد سواء علم توبته منه أم لا وأما التعيير في حال المباشرة أو بعيده قبل ظهور التوبة فواجب لمن قدر عليه ، وربما يجب الحد أو التعزير ، فهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال القاري .

                                                                      والحديث يدل على أن القدر المستحب فيما ينزل إليه الإزار هو نصف الساقين والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين وما نزل عن الكعبين بحيث يغطي الكعبين فهو حرام .

                                                                      وأخرج النسائي من حديث حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة ، فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فمن وراء الساق ولا حق للكعبين في الإزار .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي مختصرا وقال الترمذي حسن صحيح انتهى .

                                                                      وقال النووي في رياض الصالحين : رواه أبو داود ، والترمذي بالإسناد الصحيح انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية