الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4169 حدثنا محمد بن عيسى وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لعن الله الواشمات والمستوشمات قال محمد والواصلات و قال عثمان والمتنمصات ثم اتفقا والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب زاد عثمان كانت تقرأ القرآن ثم اتفقا فأتته فقالت بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات قال محمد والواصلات و قال عثمان والمتنمصات ثم اتفقا والمتفلجات قال عثمان للحسن المغيرات خلق الله تعالى فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله تعالى قالت لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته فقال والله لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ثم قرأ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت إني أرى بعض هذا على امرأتك قال فادخلي فانظري فدخلت ثم خرجت فقال ما رأيت و قال عثمان فقالت ما رأيت فقال لو كان ذلك ما كانت معنا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن عبد الله ) : هو ابن مسعود ( قال محمد ) : أي ابن عيسى في روايته ( والواصلات ) : تقدم معناه ( وقال عثمان ) : هو ابن أبي شيبة ( والمتنمصات ) : بتشديد الميم المكسورة هي التي تطلب إزالة الشعر من الوجه بالمنماص أي المنقاش والتي تفعله [ ص: 176 ] نامصة .

                                                                      قال في النهاية : النامصة التي تنتف الشعر من وجهها والمتنمصة التي تأمر من يفعل بها ذلك ، ومنه قيل للمنقاش منماص انتهى .

                                                                      قال النووي : وهو حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب ( ثم اتفقا ) : أي محمد وعثمان ( والمتفلجات ) : بكسر اللام المشددة وهي التي تطلب الفلج ، وهو بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات والفرق فرجة بين الثنيتين على ما في النهاية ، والمراد بهن النساء اللاتي تفعل ذلك بأسنانهن رغبة في التحسين . وقال بعضهم هي التي تباعد ما بين الثنايا والرباعيات بترقيق الأسنان بنحو المبرد ، وقيل هي التي ترقق الأسنان وتزينها

                                                                      ( للحسن ) : اللام للتعليل ويجوز أن يكون التنازع فيه بين الأفعال المذكورة والأظهر أن يتعلق بالأخير ( المغيرات ) : صفة للمذكورات ( خلق الله ) مفعول ( فبلغ ذلك ) المذكور من اللعن على الواشمات وغيرها ( امرأة ) : بالنصب على المفعولية ( فأتته ) : أي عبد الله بن مسعود ( وما لي ) : ما نافية أو استفهامية والمعنى كيف ( هو في كتاب الله ) : أي هو ملعون فيه ( ما بين لوحي المصحف ) : أي ما بين دفتيه والمراد أول القرآن وآخره على وجه الاستيعاب بذكر الطرفين ، وكأنها أرادت باللوحين جلدي أول المصحف وآخره أي قرأت جميع القرآن ( فما وجدته ) : أي صريحا ( لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ) : اللام في لئن موطئة للقسم والثانية لجواب القسم الذي سد مسد جواب الشرط والياء التحتية في قرأتيه ووجدتيه تولدت من إشباع كسرة التاء الفوقية قاله القسطلاني . أي لو قرأتيه بالتدبر والتأمل لعرفت ذلك ( ثم قرأ ) : أي ابن مسعود ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) : والمقصود أنه إذا كان العباد مأمورين بانتهاء ما نهاهم الرسول وقد نهاهم عن الأشياء المذكورة في هذا الحديث وغيره فكأن جميع منهياته صلى الله عليه وسلم منهي مذكور في القرآن . ( إني أرى بعض هذا ) أي [ ص: 177 ] المذكور من الأشياء المنهية ( على امرأتك ) : اسمها زينب بنت عبد الله الثقفية ( ما كانت معنا ) : هو كناية عن الطلاق وفي رواية مسلم لو كان ذلك لم نجامعها .

                                                                      قال النووي : قال جماهير العلماء معناه لم نصاحبها ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها قال ويحتج به في أن من عنده امرأة مرتكبة معصية كالوصل أو ترك الصلاة أو غيرها ينبغي له أن يطلقها انتهى

                                                                      . قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية