الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في خاتم الذهب

                                                                      4222 حدثنا مسدد حدثنا المعتمر قال سمعت الركين بن الربيع يحدث عن القاسم بن حسان عن عبد الرحمن بن حرملة أن ابن مسعود كان يقول كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال الصفرة يعني الخلوق وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والتبرج بالزينة لغير محلها والضرب بالكعاب والرقى إلا بالمعوذات وعقد التمائم وعزل الماء لغير أو غير محله أو عن محله وفساد الصبي غير محرمه قال أبو داود انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة والله أعلم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( الركين ) : بالتصغير ، ثقة ( يكره عشر خلال ) : بكسر أوله ، جمع خلة بمعنى خصلة ( الصفرة ) : بالنصب وجوز رفعه وجره ( يعني الخلوق ) : وهو تفسير من ابن مسعود أو من بعده من الرواة ، وهو طيب مركب من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وكراهيته مختص بالرجال ( وتغيير الشيب ) : قال الخطابي : تغيير الشيب إنما يكره بالسواد دون الحمرة والصفرة . انتهى .

                                                                      وقيل أراد تغييره بالنتف ( وجر الإزار ) : أي [ ص: 218 ] إسباله خيلاء ( والتختم بالذهب ) : أي للرجال ( والتبرج بالزينة ) : أي إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال ( لغير محلها ) : بكسر الحاء ويفتح ، أي لغير زوجها ومحارمها ، والمحل حيث يحل لها إظهار الزينة ( والضرب بالكعاب ) : بكسر الكاف ، جمع كعب وهو فصوص النرد ويضرب بها على عادتهم ، والمراد النهي عن اللعب بالنرد ، وهو حرام كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة .

                                                                      وفي الجامع الصغير برواية أحمد وأبي داود وابن ماجه والحاكم . من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله كذا في المرقاة ( والرقى ) : بضم الراء وفتح القاف ، جمع رقية ( إلا بالمعوذات ) : بكسر الواو المشددة ويفتح ، وهي المعوذتان وما في معناهما من الأدعية المأثورة والتعوذ بأسمائه سبحانه ، وقيل المعوذتان والإخلاص والكافرون ( وعقد التمائم ) : جمع تميمة والمراد بها التعاويذ التي تحتوي على رقى الجاهلية من أسماء الشياطين وألفاظ لا يعرف معناها وقيل التمائم خرزات كانت العرب في الجاهلية تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطله الإسلام ( وعزل الماء لغير أو غير محله أو عن محله ) : شك من الراوي بين هذه الألفاظ الثلاثة ، أي قال ( عزل الماء لغير محله ) باللام ، أو قال : ( عزل الماء غير محله ) بحذف اللام ، أو قال : ( عزل الماء عن محله ) .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : قد سمعت في هذا الحديث عزل الماء عن محله وهو أن يعزل الرجل ماءه عن فرج المرأة وهو محل الماء وإنما كره ذلك لأن فيه قطع النسل والمكروه منه ما كان ذلك في الحرائر بغير إذنهن فأما المماليك فلا بأس بالعزل عنهن . انتهى .

                                                                      قال الطيبي : يرجع معنى الروايتين ، أعني إثبات لفظ عن وغيره إلى معنى واحد ، لأن الضمير المجرور في محله يرجع إلى لفظ الماء ، وإذا روي لغير محله يرجع إلى لفظ العزل . ذكره في المرقاة ( وفساد الصبي ) : قال الخطابي : هو أن يطأ المرأة المرضع فإذا حملت فسد لبنها وكان في ذلك فساد الصبي ( غير محرمه ) : بتشديد الراء المكسورة . قال القاضي : غير منصوب على الحال من فاعل يكره ، أي يكرهه غير محرم إياه ، والضمير المجرور لفساد الصبي فإنه أقرب . وقال في جامع الأصول : يعني جميع هذه الخصال ولم يبلغ حد التحريم . كذا في المرقاة . [ ص: 219 ]

                                                                      ( قال أبو داود انفرد إلخ ) : أي رواة هذا الحديث كلهم بصريون .

                                                                      والحديث يدل على كراهة التختم بالذهب . وقد جاء في تحريمه أحاديث صحيحة صريحة في الصحيحين وغيرهما .

                                                                      قال النووي : أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وفي إسناده قاسم بن حسان الكوفي عن عبد الرحمن بن حرملة . قال البخاري : القاسم بن حسان سمع من زيد بن ثابت ، وعن عمه عبد الرحمن بن حرملة . روى عنه قاسم بن حسان ، لم يصح حديثه في الكوفيين ، قال علي بن المديني : حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خلال . هذا حديث كوفي وفي إسناده من لا يعرف . وقال ابن المديني أيضا : عبد الرحمن بن حرملة روى عنه الركين بن ربيع ، لا أعلم روي عن عبد الرحمن هذا شيء من هذا الطريق ولا نعرفه من أصحاب عبد الله . وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم . سألت أبي عنه فقال : ليس بحديثه بأس وإنما روى حديثا واحدا ما يمكن أن يقاس به ، ولم أسمع أحدا ينكره أو يطعن عليه . وأدخله البخاري في كتاب الضعفاء . وقال أبي تحول منه . هذا آخر كلامه .

                                                                      وفي الرواة عبد الرحمن بن حرملة بن حمزة ، أبو حرملة الأسلمي مدني روى عن سعيد بن المسيب وغيره . أخرج له مسلم والأربعة ، وتكلم فيه غير واحد . انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية