الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4282 حدثنا مسدد أن عمر بن عبيد حدثهم ح و حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش ح و حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان ح و حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا زائدة ح و حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثني عبيد الله بن موسى عن فطر المعنى واحد كلهم عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم قال زائدة في حديثه لطول الله ذلك اليوم ثم اتفقوا حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي زاد في حديث فطر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وقال في حديث سفيان لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي قال أبو داود لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( كلهم عن عاصم ) : أي كل من عمر بن عبيد وأبي بكر وسفيان الثوري وزائدة وفطر رووا عن عاصم وهو ابن بهدلة ( عن زر ) : أي ابن حبيش ( قال زائدة ) : أي وحده ( مني أو من أهل بيتي ) : شك من الراوي .

                                                                      واعلم أنه اختلف في أن المهدي من بني الحسن أو من بني الحسين . قال القاري في المرقاة : ويمكن أن يكون جامعا بين النسبتين الحسنين والأظهر أنه من جهة الأب حسني ومن جانب الأم حسيني قياسا على ما وقع في ولدي إبراهيم وهما إسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسلام حيث كان أنبياء بني إسرائيل كلهم من بني إسحاق وإنما نبئ من ذرية إسماعيل نبينا صلى الله عليه وسلم وقام مقام الكل ونعم العوض وصار خاتم الأنبياء ، فكذلك لما ظهرت أكثر الأئمة وأكابر الأمة من أولاد الحسين فناسب أن ينجبر الحسن بأن أعطي له ولد يكون خاتم الأولياء ويقوم مقام سائر الأصفياء ، على أنه قد قيل لما نزل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة الصورية كما ورد في منقبته في الأحاديث النبوية أعطي له لواء ولاية المرتبة القطبية فالمناسب أن يكون من جملتها النسبة المهدوية المقارنة للنبوة العيسوية واتفاقهما على إعلاء كلمة الملة النبوية وسيأتي في حديث أبي إسحاق عن علي رضي الله عنه ما هو صريح في هذا المعنى والله تعالى أعلم انتهى .

                                                                      قلت : حديث أبي إسحاق عن علي رضي الله عنه يأتي عن قريب ولفظه قال علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسيخرج [ ص: 290 ] من صلبه رجل إلخ ( يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) : فيكون محمد بن عبد الله وفيه رد على الشيعة حيث يقولون المهدي الموعود هو القائم المنتظر وهو محمد بن الحسن العسكري .

                                                                      ( يملأ الأرض ) : استئناف مبين لحسبه كما أن ما قبله معين لنسبه أي يملأ وجه الأرض جميعا أو أرض العرب وما يتبعها والمراد أهلها ( قسطا ) : بكسر القاف وتفسيره قوله ( وعدلا ) : أتى بهما تأكيدا ( كما ملئت ) : أي الأرض قبل ظهوره ( لا تذهب ) : أي لا تفنى ( أو لا تنقضي ) : شك من الراوي ( حتى يملك العرب ) : قال في فتح الودود : خص العرب بالذكر لأنهم الأصل والأشرف انتهى .

                                                                      وقال الطيبي : لم يذكر العجم وهم مرادون أيضا لأنه إذا ملك العرب واتفقت كلمتهم وكانوا يدا واحدة قهروا سائر الأمم ، ويؤيده حديث أم سلمة انتهى .

                                                                      وهذا الحديث يأتي في هذا الباب . قال القاري : ويمكن أن يقال ذكر العرب لغلبتهم في زمنه أو لكونهم أشرف أو هو من باب الاكتفاء ومراده العرب والعجم كقوله تعالى : 16 81 81 سرابيل تقيكم الحر أي والبرد والأظهر أنه اقتصر على ذكر العرب لأنهم كلهم يطيعونه بخلاف العجم بمعنى ضد العرب فإنه قد يقع منهم خلاف في إطاعته والله تعالى أعلم انتهى .

                                                                      ( يواطئ اسمه اسمي ) : أي يوافق ويطابق اسمه اسمي ( لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان ) : هو الثوري قاله المنذري أي لفظ حديث عمر وأبي بكر بمعنى حديث سفيان .

                                                                      قال المنذري . وأخرجه الترمذي وقال حسن صحيح . قلت : حديث عبد الله بن مسعود قال الترمذي هو حديث حسن صحيح وسكت عنه أبو داود ، والمنذري وابن القيم ، وقال الحاكم رواه الثوري وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم قال وطرق عاصم عن زر عن عبد الله كلها صحيحة إذ عاصم إمام من أئمة المسلمين انتهى . وعاصم هذا هو ابن أبي النجود واسم أبي النجود بهدلة : أحد القراء السبعة . قال أحمد بن حنبل : كان [ ص: 291 ] رجلا صالحا وأنا أختار قراءته . وقال أحمد أيضا وأبو زرعة ثقة ، وقال أبو حاتم محله عندي محل الصدق صالح الحديث ولم يكن بذلك الحافظ . وقال أبو جعفر العقيلي : لم يكن فيه إلا سوء الحفظ . وقال الدارقطني : في حفظه شيء ، وأخرج له البخاري في صحيحه مقرونا بغيره ، وأخرج له مسلم . قال الذهبي : ثبت في القراءة وهو في الحديث دون الثبت صدوق يهم وهو حسن الحديث والحاصل أن عاصم بن بهدلة ثقة على رأي أحمد وأبي زرعة ، وحسن الحديث صالح الاحتجاج على رأي غيرهما ولم يكن فيه إلا سوء الحفظ فرد الحديث بعاصم ليس من دأب المنصفين على أن الحديث قد جاء من غير طريق عاصم أيضا فارتفعت عن عاصم مظنة الوهم والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية