الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4354 حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا حدثنا يحيى بن سعيد قال مسدد حدثنا قرة بن خالد حدثنا حميد بن هلال حدثنا أبو بردة قال قال أبو موسى أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري فكلاهما سأل العمل والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت فقال ما تقول يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت قال لن نستعمل أو لا نستعمل على عملنا من أراده ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس فبعثه على اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل قال فلما قدم عليه معاذ قال انزل وألقى له وسادة وإذا رجل عنده موثق قال ما هذا قال هذا كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه دين السوء قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله قال اجلس نعم قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات فأمر به فقتل ثم تذاكرا قيام الليل فقال أحدهما معاذ بن جبل أما أنا فأنام وأقوم أو أقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال أبو موسى ) : أي عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( ومعي [ ص: 7 ] رجلان ) : وفي مسلم رجلان من بني عمي ( فكلاهما سألا ) : وفي بعض النسخ سأل بصيغة الإفراد وكلاهما صحيح ( العمل ) : ولمسلم أمرنا على بعض ما ولاك الله ( أو يا عبد الله بن قيس ) : شك من الراوي بأيهما خاطبه ( ما أطلعاني على ما في أنفسهما ) : أي داعية الاستعمال ( وما شعرت ) : أي ما علمت ( إلى سواكه ) : صلى الله عليه وسلم ( قلصت ) : بفتح القاف واللام المخففة والصاد المهملة انزوت أو ارتفعت . قاله القسطلاني ، وهو حال بتقدير قد ( أو لا نستعمل ) : شك من الراوي ( فبعثه ) : أي أبا موسى ( على اليمن ) : أي عاملا عليها ( ثم أتبعه ) : بهمزة ثم مثناة ساكنة ( معاذ بن جبل ) : بالنصب أي بعثه بعده ، وظاهره أنه ألحقه به بعد أن توجه ( عليه ) : أي على أبي موسى . وفي رواية البخاري في المغازي أن كلا منهما كان على عمل مستقل وأن كلا منهما إذا سار في أرضه فقرب من صاحبه أحدث به عهدا .

                                                                      وفي رواية له في المغازي فجعلا يتزاوران ، فزار معاذ أبا موسى وفي رواية له فضرب فسطاطا ( وألقى ) : أي أبو موسى ( له ) : لمعاذ ( وسادة ) : قال الحافظ : معنى ألقى له وسادة فرشها له ليجلس عليها . وقد ذكر الباجي والأصيلي فيما نقله عياض عنهما أن المراد بقول ابن عباس فاضطجعت في عرض الوسادة الفراش ، ورده النووي فقال هذا ضعيف أو باطل وإنما المراد بالوسادة ما يجعل تحت رأس النائم وهو كما قال . قال : وكانت عادتهم أن من أرادوا إكرامه وضعوا الوسادة تحته مبالغة في إكرامه . قال ولم أر في شيء من كتب اللغة أن الفراش يسمى وسادة انتهى ( موثق ) : بضم الميم وسكون الواو وفتح المثلثة أي مربوط بقيد ( قال ) : أي معاذ ( ما هذا ) : أي ما هذا الرجل الموثق ( ثم راجع دينه ) : أي رجع إلى دينه [ ص: 8 ] ( دين السوء ) : بدل من ( دينه ) ، وفي رواية البخاري كان يهوديا فأسلم ثم تهود ( قضاء الله ورسوله ) : بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هذا حكمهما أي من ارتد وجب قتله ( ثلاث مرار ) : يعني أنهما كررا القول أبو موسى يقول اجلس ومعاذ يقول لا أجلس فهو من كلام الراوي لا تتمة كلام معاذ ( فأمر ) : أي أبو موسى ( به ) : أي بقتل الرجل الموثق ( ثم تذاكرا ) : أي معاذ وأبو موسى ( معاذ بن جبل ) : بدل من ( أحدهما ) ( وأقوم ) : أي أصلي متهجدا ( أو أقوم وأنام ) : شك من الراوي ( وأرجو في نومتي ) : أي لترويح نفسه بالنوم ليكون أنشط له عند القيام ( ما ) : أي الذي ( أرجو ) : من الأجر ( في قومتي ) : بفتح القاف وسكون الواو أي في قيامي بالليل . هذا قول معاذ ولم يذكر في هذه الرواية قول أبي موسى . قال الحافظ : وفي رواية سعيد بن أبي بردة فقال أبو موسى أقرؤه قائما وقاعدا وعلى راحلتي وأتفوقه تفوقا بفاء وقاف بينهما واو ثقيلة أي ألازم قراءته في جميع الأحوال . والحديث فيه إكرام الضيف والمبادرة إلى إنكار المنكر وإقامة الحد على من وجب عليه وأن المباحات يؤجر عليها بالنية إذا صارت وسائل للمقاصد الواجبة أو المندوبة أو تكميلا لشيء منهما .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية