الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4355 حدثنا الحسن بن علي حدثنا الحماني يعنى عبد الحميد ابن عبد الرحمن عن طلحة بن يحيى وبريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال قدم علي معاذ وأنا باليمن ورجل كان يهوديا فأسلم فارتد عن الإسلام فلما قدم معاذ قال لا أنزل عن دابتي حتى يقتل فقتل قال أحدهما وكان قد استتيب قبل ذلك حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص حدثنا الشيباني عن أبي بردة بهذه القصة قال فأتي أبو موسى برجل قد ارتد عن الإسلام فدعاه عشرين ليلة أو قريبا منها فجاء معاذ فدعاه فأبى فضرب عنقه قال أبو داود ورواه عبد الملك بن عمير عن أبي بردة لم يذكر الاستتابة ورواه ابن فضيل عن الشيباني عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى لم يذكر فيه الاستتابة حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي حدثنا المسعودي عن القاسم بهذه القصة قال فلم ينزل حتى ضرب عنقه وما استتابه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال أحدهما ) : أي طلحة أو بريد ( وكان ) : أي ذلك الرجل الموثق المرتد ( قد استتيب ) : أي عرض عليه التوبة فيه دليل على استتابة المرتد وهو قول الجمهور . [ ص: 9 ] قال ابن بطال : اختلف في استتابة المرتد فقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهو قول الجمهور ، وقيل يجب قتله في الحال ، جاء ذلك عن الحسن وطاوس وبه قال أهل الظاهر . قال الحافظ : واستدل ابن القصار لقول الجمهور بالإجماع يعني السكوتي لأن عمر كتب في أمر المرتد هلا حبستموه ثلاثة أيام وأطعمتموه في كل يوم رغيفا لعله يتوب فيتوب الله عليهقال ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة كأنهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه أي إن لم يرجع ، وقد قال تعالى فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم واختلف القائلون بالاستتابة هل يكتفى بالمرة أو لا بد من ثلاث ، وهل الثلاث في مجلس أو في يوم أو في ثلاثة أيام ، وعن علي يستتاب شهرا ، وعن النخعي يستتاب أبدا . كذا نقل عنه مطلقا . والتحقيق أنه فيمن تكررت منه الردة انتهى .

                                                                      قال المنذري : قوله قال أحدهما يريد طلحة بن يحيى وبريد بن عبد الله بن أبي بردة . وطلحة هذا هو ابن يحيى بن عبيد الله القرشي التيمي الكوفي وهو مدني الأصل ، وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة .

                                                                      ( أخبرنا الشيباني ) : هو أبو إسحاق ( فدعاه ) : أي دعا أبو موسى ذلك المرتد إلى الإسلام ( فدعاه فأبى ) : أي دعاه معاذ أيضا إلى الإسلام فامتنع عنه ( فضرب ) : ضبط بصيغة المجهول والمعروف ( عنقه ) : بالرفع والنصب ( قال أبو داود رواه عبد الملك إلخ ) : حاصله أنه روى هذا الحديث عبد الملك عن أبي بردة وكذلك رواه ابن فضيل عن الشيباني عن سعيد عنه لكنهما لم يذكرا في روايتهما الاستتابة ( وما استتابه ) : قال الحافظ في الفتح بعد ذكر رواية المسعودي هذه : وهذا يعارضه الرواية المثبتة لأن معاذا استتابه وهي أقوى من هذه والروايات الساكتة عنها لا تعارضها وعلى تقدير ترجيح رواية المسعودي فلا حجة [ ص: 10 ] فيه لمن قال يقتل المرتد بلا استتابة لأن معاذا يكون اكتفى بما تقدم من استتابة أبي موسى رضي الله عنه انتهى .

                                                                      قال المنذري : المسعودي هذا هو عبد الرحمن بن عبيد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي المعروف بالمسعودي ، وقد تكلم فيه غير واحد وتغير بأخرة ، واستشهد به البخاري . والقاسم هذا هو أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي وهو ثقة .




                                                                      الخدمات العلمية