الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      451 حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ومجاهد بن موسى وهو أتم قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح حدثنا نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن والجريد قال مجاهد وعمده من خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده قال مجاهد عمده خشبا وغيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج قال مجاهد وسقفه الساج قال أبو داود القصة الجص

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي في زمانه وأيامه ( مبنيا باللبن ) بفتح اللام وكسر الباء الموحدة ، ويقال اللبنة بكسر اللام وسكون الباء الموحدة وهي ما يعمل من الطين ؛ يعني الطوب والآجر النيء وهو بضم الجيم وتشديد الراء ( الجريد ) أي جريد النخل وهو الذي يجرد عنه الخوص أي الورق ، ومعناه بالفارسية شاخ درخت خرما برك دور كرده ( وعمده ) بفتح العين والميم ( قال مجاهد عمده ) أي بضم العين والميم وهي [ ص: 92 ] رواية مجاهد وكلاهما جمع الكثرة لعمود البيت وجمع القلة أعمدة والعمود معناه بالفارسية ستون ( من خشب النخل ) : قال الحافظ هي بفتح الخاء والشين ويجوز ضمهما انتهى . فقوله عمده مبتدأ ومن خشب النخل خبره ( فلم يزد فيه أبو بكر شيئا ) : يعني لم يغير فيه شيئا بالزيادة والنقصان ( وزاد فيه عمر وبناه على بنائه ) : يعني زاد في الطول والعرض ولم يغير في بنائه بل بناه على بنيان النبي صلى الله عليه وسلم يعني بآلاته التي بناها النبي صلى الله عليه وسلم ( في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : إما صفة للبناء أو حال ( وأعاد عمده ) : قال العيني : وإنما غير عمده لأنها تلفت . قال السهيلي نخرت عمده في خلافة عمر فجددها ( وغيره عثمان ) أي من الوجهين التوسيع وتغيير الآلات ( بالحجارة المنقوشة ) أي بدل اللبن ( والقصة ) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهي الجص بلغة أهل الحجاز . وقال الخطابي : تشبه الجص وليست به . قاله الحافظ في الفتح . وقال العيني : الجص لغة فارسية معربة وأصلها كج وفيه لغتان فتح الجيم وكسرها ( وسقفه بالساج ) هو بفتح السين وإسكان القاف بلفظ الاسم عطفا على عمده قال الحافظ : والساج نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند ( وسقفه الساج ) هو بلفظ الماضي من التسقيف من باب التفعيل عطفا على جعل . قال الحافظ في الفتح : قال ابن بطال وغيره : هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه ، فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه ، ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه . وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة ، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة .




                                                                      الخدمات العلمية