الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4452 حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا أبو أسامة قال مجالد أخبرنا عن عامر عن جابر بن عبد الله قال جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا فقال ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة قالا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما قال فما يمنعكما أن ترجموهما قالا ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاءوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما حدثنا وهب بن بقية عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم والشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه لم يذكر فدعا بالشهود فشهدوا حدثنا وهب بن بقية عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي بنحو منه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( زنيا ) : صفة رجل وامرأة ( قال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( ائتوني بأعلم رجلين منكم ) : زاد الطبري في حديث ابن عباس ائتوني برجلين من علماء بني إسرائيل فأتوه برجلين أحدهما شاب والآخر شيخ قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ذكره الحافظ في الفتح ( بابني صوريا ) : بصيغة التثنية في الابن وبضم الصاد وسكون الواو ( هذين ) : أي الزانيين ( إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما ) : زاد البزار من هذا الوجه " فإن وجدوا الرجل مع المرأة في بيت أو في ثوبها أو على بطنها فهي ريبة وفيها عقوبة " ذكره الحافظ ( ذهب سلطاننا ) : أي غلبتنا وملكنا من الأرض ( فكرهنا القتل ) : أي خوفا من أن نقل ( فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاءوا بأربعة ) : فيه قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض . وزعم ابن العربي أن معنى قوله في حديث جابر " فدعا بالشهود " أي شهود الإسلام على اعترافهما . وقوله فرجمهما بشهادة الشهود أي البينة على اعترافهما ورد هذا التأويل بقوله في نفس الحديث أنهم رأوا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة وهو صريح في أن الشهادة بالمشاهدة لا بالاعتراف .

                                                                      وقال القرطبي الجمهور على أن الكافر لا تقبل شهادته على مسلم ولا كافر لا في حد ولا في غيره ولا فرق بين السفر والحضر في ذلك . وقبل شهادتهم جماعة من التابعين [ ص: 112 ] وبعض الفقهاء إذا لم يوجد مسلم . واستثنى أحمد حالة السفر إذا لم يوجد مسلم . وأجاب القرطبي عن الجمهور عن واقعة اليهود أنه صلى الله عليه وسلم نفذ عليهم ما علم أنه حكم التوراة وألزمهم العمل به إظهارا لتحريفهم كتابهم وتغييرهم حكمه أو كان ذلك خاصا بهذه الواقعة كذا قال . والثاني مردود .

                                                                      وقال النووي : الظاهر أنه رجمهما بالاعتراف ، فإن ثبت حديث جابر فلعل الشهود كانوا مسلمين وإلا فلا عبرة بشهادتهم ويتعين أنهما أقرا بالزنا . قال الحافظ : بعد ذكر هذا كله لم يثبت أنهم كانوا مسلمين ، ويحتمل أن يكون الشهود أخبروا بذلك السؤال بقية اليهود لهم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم كلامهم ولم يحكم فيهم إلا مستندا لما أطلعه الله تعالى فحكم في ذلك بالوحي وألزمهم الحجة بينهم ، كما قال تعالى وشهد شاهد من أهلها أو أن شهودهم شهدوا عليهم عند أحبارهم بما ذكر فلما رفعوا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم استعلم القصة على وجهها ، فذكر كل من حضره من الرواة ما حفظه في ذلك ولم يكن مستند حكم النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما أطلعه الله عليه انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه مختصرا وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف . ( حدثنا وهب بن بقية إلخ ) : قال المنذري : هذا مرسل ، وعن الشعبي بنحوه وهذا أيضا مرسل انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية