الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      480 حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا خالد يعني ابن الحارث عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها ثم أقبل على الناس مغضبا فقال أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن عجل به أمر فليقل هكذا ووصف لنا ابن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( كان يحب العراجين ) هي جمع عرجون بضم العين وهو العود الأصغر الذي فيه الشماريخ إذا يبس واعوج ، وهو من الانعراج وهو الانعطاف ، والواو والنون فيه زائدتان قاله العيني ( منها ) أي من العراجين ( فرأى نخامة ) قال الحافظ : قيل هي ما يخرج من الصدر . وقيل : النخاعة بالعين من الصدر وبالميم من الرأس ( فحكها ) أي النخامة ( ثم أقبل ) أي توجه النبي صلى الله عليه وسلم ( مغضبا ) حال من ضمير أقبل ( أيسر ) بهمزة الاستفهام من السرور ( أحدكم ) بنصب الدال هو مفعول يسر ( أن يبصق ) أي يبزق وهو [ ص: 110 ] فاعل يسر ( والملك عن يمينه ) قال الحافظ في الفتح : ظاهره اختصاصه بحالة الصلاة فإن قلنا : المراد بالملك الكاتب فقد استشكل اختصاصه بالمنع ، مع أن عن يساره ملكا آخر ، وأجيب باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمين تشريفا له وتكريما ، هكذا قاله جماعة من القدماء ولا يخفى ما فيه ، وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة موقوفا في هذا الحديث قال ولا عن يمينه فإن عن يمينه كاتب الحسنات وفي الطبراني من حديث أبي أمامة في هذا الحديث فإنه يقوم بين يدي الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره انتهى . فالتفل حينئذ إنما يقع على القرين وهو الشيطان ، ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يصيبه شيء من ذلك ، أو أنه يتحول في الصلاة إلى اليمين والله أعلم ( فلا يتفل ) أي فلا يبزق وهو من باب نصر وضرب ( وليبصق عن يساره أو تحت قدمه ) قال الحافظ : كذا هو في أكثر الروايات ، وفي رواية أبي الوقت : " وتحت قدمه " بواو العطف من غير شك ، ووقع في رواية مسلم من طريق أبي رافع عن أبي هريرة ولكن عن يساره تحت قدمه بحذف كلمة أو ، وكذا للبخاري من حديث أنس في أواخر الصلاة ، والرواية التي فيها أو أعم ، لكونها تشمل ما تحت القدم . انتهى . وفي الرواية الآتية من طريق يحيى بن الفضل السجستاني وهشام بن عمار فيها أيضا وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى بحذف كلمة أو ( فإن عجل به أمر ) يعني غلب عليه البزاق والنخامة ( فليقل هكذا ) معناه فليفعل هكذا ( ووصف لنا ابن عجلان ) أي قال خالد : بين لنا ابن عجلان ( ذلك ) أي تفسير قوله فليقل هكذا ( أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض ) وفي رواية لمسلم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض .




                                                                      الخدمات العلمية