الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4751 حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف أبو نصر عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لبني النجار فسمع صوتا ففزع فقال من أصحاب هذه القبور قالوا يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية فقال تعوذوا بالله من عذاب النار ومن فتنة الدجال قالوا ومم ذاك يا رسول الله قال إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له ما كنت تعبد فإن الله هداه قال كنت أعبد الله فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول هو عبد الله ورسوله فما يسأل عن شيء غيرها فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له هذا بيتك كان لك في النار ولكن الله عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له اسكن وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له ما كنت تعبد فيقول لا أدري فيقال له لا دريت ولا تليت فيقال له فما كنت تقول في هذا الرجل فيقول كنت أقول ما يقول الناس فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب بمثل هذا الإسناد نحوه قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقولان له فذكر قريبا من حديث الأول قال فيه وأما الكافر والمنافق فيقولان له زاد المنافق وقال يسمعها من وليه غير الثقلين

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ففزع ) أي خاف ( تعوذوا بالله من عذاب النار ) أي اطلبوا منه أن يدفع عنكم عذابها . وفي بعض النسخ : من عذاب القبر مكان من عذاب النار ( ومن فتنة الدجال ) الفتنة الامتحان وتستعمل في المكر والبلاء ، وفتنة الدجال أكبر الفتن حيث يجر إلى الكفر .

                                                                      ( إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك ) قال القرطبي في التذكرة : جاء في هذا الحديث سؤال ملك واحد وفي غيره سؤال ملكين ، ولا تعارض في ذلك ، بل كل ذلك صحيح المعنى بالنسبة إلى الأشخاص ، فرب شخص يأتيانه جميعا ويسألانه جميعا في حال واحد عند انصراف الناس عنه ليكون السؤال أهول والفتنة في حقه أشد وأعظم وذلك بحسب ما اقترف من الآثام واجترح من سيئ الأعمال ، وآخر يأتيانه قبل انصراف الناس عنه ، وآخر يأتيه أحدهما على الانفراد فيكون ذلك أخف في السؤال لما عمله من صالح الأعمال ، كذا في مرقاة الصعود .

                                                                      ( فإن الله تعالى ) إن شرطية ( هداه ) أي في الدنيا أو في تلك الحالة ( قال كنت أعبد الله ) جزاء الشرط ( ما كنت تقول في هذا الرجل ) عبر بذلك امتحانا لئلا يتلقن تعظيمه من عبارة القائل ، قيل يكشف للميت حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهي بشرى عظيمة للمؤمن إن صح ذلك ، ولا نعلم حديثا صحيحا مرويا في ذلك ، والقائل به إنما استند لمجرد أن الإشارة لا تكون إلا [ ص: 74 ] لحاضر ، لكن يحتمل أن تكون الإشارة لما في الذهن فيكون مجازا ، قاله القسطلاني ( فما يسأل عن شيء غيرها ) أي غير هذه الخصلة المذكورة وفي بعض النسخ غيرهما ( فينطلق به ) بصيغة المجهول ( فينتهره ) أي ينكر عليه فعله وقوله تشديدا في السؤال ( لا دريت ) أي لا علمت ما هو الحق والصواب ( ولا تليت ) أي ولا قرأت الكتاب .

                                                                      قال في القاموس : تلوته كدعوته ورميته تبعته والقرآن أو كل كلام قرأته وقيل أصله تلوت قلبت الواو ياء للازدواج ، ويجوز أن يكون معناه ولا اتبعت أهل الحق أي ما كنت محققا للأمر ولا مقلدا لأهله ( بمطراق ) الطرق الضرب والمطراق آلته ( غير الثقلين ) أي الإنس والجن .

                                                                      قال المنذري : وأخرج مسلم والنسائي طرفا منه بنحوه ، وقد تقدم في كتاب الجنائز . ( وتولى عنه ) أي أدبر وانصرف ( إنه ليسمع ) بفتح اللام للتأكيد ( قرع نعالهم ) ، بكسر النون جمع نعل ، أي صوت دقها ( من يليه ) أي يقرب منه من الدواب والملائكة ، وعبر بمن تغليبا للملائكة لشرفهم ، ولا يذهب فيه إلى المفهوم من أن من بعد لا [ ص: 75 ] يسمع لما في الحديث الذي يليه من أنه يسمعها ما بين المشرق والمغرب ، والمفهوم لا يعارض المنطوق .

                                                                      قال النووي : مذهب أهل السنة إثبات عذاب القبر ، وقد تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية