الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4753 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ح و حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية وهذا لفظ هناد عن الأعمش عن المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا زاد في حديث جرير هاهنا وقال وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له يا هذا من ربك وما دينك ومن نبيك قال هناد قال ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم قال فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان وما يدريك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت زاد في حديث جرير فذلك قول الله عز وجل يثبت الله الذين آمنوا الآية ثم اتفقا قال فينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة وألبسوه من الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها قال ويفتح له فيها مد بصره قال وإن الكافر فذكر موته قال وتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه هاه لا أدري فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار قال فيأتيه من حرها وسمومها قال ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه زاد في حديث جرير قال ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا قال فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا قال ثم تعاد فيه الروح حدثنا هناد بن السري حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا الأعمش حدثنا المنهال عن أبي عمر زاذان قال سمعت البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر نحوه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فانتهينا إلى القبر ) أي وصلنا إليه ( ولما يلحد ) لما جازمة بمعنى لم ( كأنما على رءوسنا الطير ) كناية عن غاية السكون أي لا يتحرك منا أحد توقيرا لمجلسه صلى الله عليه وسلم - ( ينكت به في الأرض ) أي يضرب بطرفه الأرض ، وذلك فعل المفكر المهموم ( مرتين أو ثلاثا ) أي قاله مرتين أو ثلاثا ( وإنه ) أي الميت ( ليسمع خفق نعالهم ) بفتح الخاء المعجمة وسكون [ ص: 76 ] الفاء أي صوت نعالهم .

                                                                      ( حين يقال له ) ظرف لقوله ليسمع ( ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ) أي ما وصفه أرسول هو أو ما اعتقادك فيه ، كذا قيل وقال القاري الأظهر أن ما بمعنى من ليوافق بقية الروايات بلفظ من نبيك ( وما يدريك ) أي أي شيء أخبرك وأعلمك بما تقول من الربوبية والإسلام والرسالة ( قرأت كتاب الله ) أي القرآن ( فآمنت به ) أي بالقرآن أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه حق ( وصدقت ) أي وصدقته بما قال أو صدقت بما في القرآن ( فذلك قول الله تعالى ) أي جريان لسانه بالجواب المذكور هو التثبيت الذي تضمنه قوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا الآية .

                                                                      ( ثم اتفقا ) أي عثمان وهناد ( أن قد صدق عبدي ) أن مفسرة للنداء لأنه في معنى القول ( فأفرشوه من الجنة ) بهمزة القطع قال في القاموس : أفرش فلانا بساطا بسطه له كفرشه فرشا [ ص: 77 ] وفرشه تفريشا كذا في المرقاة ( من روحها ) الروح بالفتح الراحة والنسيم ( ويفتح له فيها ) أي في تربته وهي قبره ، ويدل عليه مقابله الآتي ويضيق عليه قبره .

                                                                      ( مد بصره ) أي منتهى بصره ( فذكر موته ) أي حال موت الكافر وشدته ( هاه هاه ) بسكون الهاء فيهما بعد الألف كلمة يقولها المتحير الذي لا يقدر من حيرته للخوف أو لعدم الفصاحة أن يستعمل لسانه في فيه ( لا أدري ) أي شيئا ما أو ما أجيب به وهذا كأنه بيان لقوله هاه هاه ( من حرها ) أي حر النار وهو تأثيرها ( وسمومها ) وهي الريح الحارة ( ويضيق ) بصيغة المجهول من التضييق ( حتى تختلف فيه أضلاعه ) بفتح الهمزة جمع ضلع ، وهو عظم الجنب ، أي حتى يدخل بعضها في بعض من شدة التضييق والضغطة ( ثم يقيض ) أي يسلط ويوكل ( أعمى ) أي زبانية أعمى كيلا يرحم عليه .

                                                                      ( معه مرزبة ) قال في النهاية : المرزبة بالتخفيف المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد ، ويقال لها الأرزبة بالهمزة والتشديد . انتهى .

                                                                      [ ص: 78 ] وقال القاري : المسموع في الحديث تشديد الباء ، وأهل اللغة يخففونها ، وهي التي يدق بها المدر ويكسر .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه مختصرا ، وقد تقدم في كتاب الجنائز مختصرا ، وفي إسناده المنهال بن عمرو قد أخرج له البخاري في صحيحه حديثا واحدا ، وقال يحيى بن معين ثقة ، وقال الإمام أحمد تركه شعبة على عمد ، وغمزه يحيى بن سعيد ، وحكي عن شعبة أنه تركه ، وقال ابن عدي والمنهال بن عمرو هو صاحب حديث القبر الحديث الطويل رواه عن زاذان عن البراء ورواه عن منهال جماعة وذكر أبو موسى الأصبهاني أنه حديث حسن مشهور بالمنهال عن زاذان ، وللمنهال حديث واحد في كتاب البخاري حسب ولزاذان في كتاب مسلم حديثان .

                                                                      [ ص: 79 ] [ ص: 80 ] ( عن أبي عمر ) كنيته زاذان .

                                                                      [ ص: 81 ] [ ص: 82 ] [ ص: 83 ]



                                                                      الخدمات العلمية