الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      5079 حدثنا إسحق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي حدثنا محمد بن شعيب قال أخبرني أبو سعيد الفلسطيني عبد الرحمن بن حسان عن الحارث بن مسلم أنه أخبره عن أبيه مسلم بن الحارث التميمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسر إليه فقال إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل اللهم أجرني من النار سبع مرات فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت في يومك كتب لك جوار منها أخبرني أبو سعيد عن الحارث أنه قال أسرها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نخص بها إخواننا حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ومؤمل بن الفضل الحراني وعلي بن سهل الرملي ومحمد بن المصفى الحمصي قالوا حدثنا الوليد حدثنا عبد الرحمن بن حسان الكناني قال حدثني مسلم بن الحارث بن مسلم التميمي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحوه إلى قوله جوار منها إلا أنه قال فيهما قبل أن يكلم أحدا قال علي بن سهل فيه إن أباه حدثه وقال علي وابن المصفى بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي وتلقاني الحي بالرنين فقلت لهم قولوا لا إله إلا الله وحده تحرزوا فقالوها فلامني أصحابي وقالوا حرمتنا الغنيمة فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه بالذي صنعت فدعاني فحسن لي ما صنعت وقال أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا قال عبد الرحمن فأنا نسيت الثواب ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي قال ففعل وختم عليه فدفعه إلي وقال لي ثم ذكر معناهم و قال ابن المصفى قال سمعت الحارث بن مسلم بن الحارث التميمي يحدث عن أبيه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( الفلسطيني ) : بكسر فاء وفتح لام وسكون سين مهملة وكسر طاء مهملة وبمثناة تحتية فنون نسبة إلى فلسطين كذا في المغني .

                                                                      وفي القاموس : فلسطون وفلسطين وقد يفتح فاؤهما كورة بالشام وقرية بالعراق ( عبد الرحمن بن حسان ) : بدل من أبي سعيد ( أنه أسر ) : من الإسرار ( إليه ) أي إلى مسلم بن [ ص: 342 ] الحارث والمعنى تكلم صلى الله عليه وسلم معه خفية ( إذا انصرفت ) : أي فرغت ( اللهم أجرني من النار ) : أجرني أمر من الإجارة من باب الإفعال من الجور معناه أمني وأعذني وأنقذني وخلصني من النار .

                                                                      قال في لسان العرب : وفي التنزيل العزيز : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله : قال الزجاج : المعنى إن طلب أحد من أهل الحرب أن تجيره من القتل إلى أن يسمع كلام الله فأجره أي أمنه .

                                                                      قال أبو الهيثم : الجار والمجير والمعيذ واحد ، ومن عاذ بالله استجار به أجاره الله وأجاره الله من العذاب أنقذه . انتهى ملخصا .

                                                                      وأما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم آجرني في مصيبتي فآجر ها هنا أمر من الإيجار من باب الإفعال من الأجر ، وأيضا يروى فيه اجرني بسكون الهمزة وضم الجيم من باب نصر ينصر من الأجر ، وعلى كلتا الروايتين معنى واحد أي أعطني أجرا وثوابا في مصيبتي .

                                                                      قال في اللسان : وفي حديث أم سلمة : آجرني الله في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها آجره يوجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء وكذلك أجره يأجره ويأجره والأمر منهما آجرني وأجرني . انتهى .

                                                                      وفي مجمع البحار : آجرني في مصيبتي آجره يوجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء ، وكذا أجره يأجره وأجرني في مصيبتي بسكون الهمزة وضم الجيم إن كان ثلاثيا وإلا فبفتح همزة ممدودة وبكسر الجيم من آجره الله أعطاه جزاء صبره وهو بالقصر أكثر . انتهى .

                                                                      وفي النهاية آجره يوجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء وكذلك أجره يأجره والأمر منهما آجرني وأجرني . انتهى .

                                                                      ( سبع مرات ) : ظرف لقل أي كرر ذلك سبع مرات ( فإنك إذا قلت ذلك ) : أي الدعاء المذكور سبعا ( ثم مت ) : بالضم والكسر ( كتب لك جوار ) : بكسر الجيم وإهمال الراء وفي بعض النسخ بفتح الجيم وإعجام الزاي أي أمان وخلاص .

                                                                      [ ص: 343 ] قال في المرقاة : والجواز في الأصل للبراءة التي تكون مع الرجل في الطريق حتى لا يمنعه أحد من المرور وحينئذ فلا يدفعه إلا تحلة القسم . انتهى .

                                                                      ( منها ) : أي من النار ( أسرها ) : أي الكلمات المذكورة ( نحن نخص إخواننا بها ) : وفي بعض النسخ فنحن بالفاء وهو الأولى وكأنه فهم أن الإسرار كان تخصيصا منه له والحديث سكت عنه المنذري . ( الحمصي ) : بكسر المهملتين ( ومؤمل ) : بوزن محمد ( ابن الفضل الحراني ) : بفتح المهملة وشدة الراء ( الرملي ) : بفتح الراء وسكون الميم نسبة إلى رملة مدينة من فلسطين ( قال نحوه ) : أي نحو الحديث السابق ( إلى قوله جوار منها ) : أي بدون ذكر قوله أخبرني أبو سعيد إلخ ( إلا أنه قال ) : أي الوليد ( فيهما ) : أي في الجملتين من الحديث إحداهما إذا انصرفت من صلاة المغرب إلخ ، وثانيتهما إذا صليت الصبح إلخ ( قبل أن تكلم أحدا ) : الظاهر أن هذه الزيادة بعد قوله فقل والله تعالى أعلم ( قال علي بن سهل فيه أن أباه حدثه ) : أي مكان عن أبيه ( وقال علي وابن المصفى ) : أي ذكرا قبل بيان الحديث هذه القصة المذكورة بقوله بعثنا إلى قوله ودفعه إلي ثم بعد ذكر هذه القصة بينا الحديث ( في سرية ) : السرية طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو ، سموا به لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري أي النفيس ( فلما بلغنا المغار ) : بالضم الغارة وموضعها ( استحثثت ) : استفعال من الحث ( وتلقاني الحي ) : أي الذين سرنا إليهم ( بالرنين ) : أي بالصوت والصياح ففي القاموس : الرنة الصوت رن يرن صاح ( تحرزوا ) : من الحرز أي [ ص: 344 ] تحفظوا وهو جواب قولوا ( فقالوها ) : أي كلمة لا إله إلا الله ( فقالوا ) : أي أصحابي ( فحسن لي ) : من التحسين ( كذا وكذا ) : أي من الثواب ( قال عبد الرحمن ) : هو ابن حسان ( أما ) : بالتخفيف حرف التنبيه ( بالوصاة ) : اسم التوصية كصلاة وسلام اسم التصلية والتسليم ( ففعل ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم أي كتب لي الوصاة ( وختم عليه ) : أي على المكتوب ( ثم ذكر معناهم ) : أي معنى حديثهم ( قال ابن المصفى قال سمعت الحارث بن مسلم بن الحارث إلخ ) : وأما غيره فقال مسلم بن الحارث بن مسلم .

                                                                      قال المنذري : قيل فيه مسلم بن الحارث ، وقيل الحارث بن مسلم بن الحارث كما تقدم ، وصحح غير واحد أنه مسلم بن الحارث . وسئل أبو زرعة الرازي عن مسلم بن الحارث بن مسلم فقال الصحيح الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه .

                                                                      وقال أبو حاتم الرازي : الحارث بن مسلم تابعي وقيل للدارقطني مسلم بن الحارث التميمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مسلم مجهول لا يحدث عن أبيه إلا هو .




                                                                      الخدمات العلمية