الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      550 حدثنا هارون بن عباد الأزدي حدثنا وكيع عن المسعودي عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لكفرتم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( على هؤلاء الصلوات الخمس ) أي مع الجماعة ( حيث ينادى بهن ) من المساجد ويوجد لهن إمام معين أو غير معين ( فإنهن ) أي الصلوات الخمس بالجماعة ( من سنن الهدى ) روي بضم السين وفتحها حكاهما القاضي وهما بمعنى متقارب أي [ ص: 192 ] طرائق الهدى والصواب . قاله النووي ( ولقد رأيتنا ) أي نحن معاشر الصحابة أو جماعة المسلمين . قال الطيبي : قد تقرر أن اتحاد الفاعل والمفعول إنما يسوغ في أفعال القلوب وأنها من داخل المبتدأ والخبر والمفعول الثاني الذي هو بمنزلة الخبر محذوف هاهنا وسد قوله ( وما يتخلف عنها ) أي عن صلاة الجماعة في المسجد من غير عذر أو لوصف الدوام وهو حال مسده ، وتبعه ابن حجر ، لكن في كون اتحاد الفاعل والمفعول هنا بحث إذ المراد بالفاعل المتكلم وحده وبالمفعول هو وغيره . قاله علي القاري في المرقاة ( إلا منافق بين النفاق ) أي ظاهر النفاق ، وفي رواية لمسلم إلا منافق معلوم النفاق قال الشمني : ليس المراد بالمنافق هاهنا من يبطن الكفر ويظهر الإسلام وإلا لكانت الجماعة فريضة لأن من يبطن الكفر كافر ولكان آخر الكلام مناقضا لأوله . انتهى . وفيه أن مراده أن النفاق سبب التخلف لا عكسه وأن الجماعة واجبة على الصحيح ، لا فريضة للدليل الظني ، وأن المناقضة غير ظاهرة . قاله في المرقاة . وقد مر بعض بيان النفاق في الحديث السابق . قال النووي : هذا دليل ظاهر لصحة ما سبق تأويله في الذين هم بتحريق بيوتهم أنهم كانوا منافقين ( ليهادى بين الرجلين ) هو بصيغة المجهول أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما . قاله النووي . وقال ابن الأثير في النهاية : معناه يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله من تهادت المرأة من مشيها إذا تمايلت . انتهى . وقال الخطابي : أي يرفد من جانبيه ويؤخذ بعضديه يتمشى به إلى المسجد . انتهى . وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمل المشقة في حضورها وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها ( مسجد في بيته ) أي موضع صلاة فيه ( ولو تركتم سنة نبيكم ) قال الطيبي : يدل على أن المراد بالسنة العزيمة . قال الشيخ ابن الهمام : وتسميتها سنة على ما في حديث ابن مسعود لا حجة فيه للقائلين بالسنية ، إذ لا تنافي الوجوب في خصوص ذلك الإطلاق لأن سنن الهدى أعم من الواجب لغة كصلاة العيد . انتهى . وقد يقال لهذا الواجب سنة لكونه ثبت بالسنة أي الحديث ( لكفرتم ) قال الخطابي : معناه أنه يؤديكم إلى الكفر بأن تتركوا عرى الإسلام شيئا فشيئا حتى تخرجوا من الملة . انتهى . وهو يثبت الوجوب ظاهرا . قال المنذري : والحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية