الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      552 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي قال هل تسمع النداء قال نعم قال لا أجد لك رخصة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ضرير البصر ) أي أعمى ( شاسع الدار ) أي بعيد الدار ( ولي قائد ) القائد هو الذي يمسك يد الأعمى ويأخذها ويذهب به حيث شاء ويجره ( لا يلاومني ) قال الخطابي : هكذا يروى في الحديث والصواب لا يلائمني أي لا يوافقني ولا يساعدني ، فأما الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه وفي هذا دليل على أن حضور الجماعة واجب ولو كان ذلك ندبا لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرر والضعف ، ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم . وكان عطاء بن أبي رباح يقول ليس لأحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا سمع النداء في أن يدع الصلاة جماعة : وقال الأوزاعي لا طاعة للوالد في ترك الجمعة والجماعات يسمع النداء أو لم يسمع . وكان أبو ثور يوجب حضور الجماعة : واحتج هو وغيره بأن الله عز وجل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي جماعة في صلاة الخوف ولم يعذر في تركها فعقل أنها في حال الأمن أوجب : وأكثر أصحاب الشافعي على أن الجماعة فرض على الكفاية لا على الأعيان ، وتأولوا حديث ابن أم مكتوم على أنه لا رخصة لك إن طلبت فضيلة الجماعة وأنك لا تحرز أجرها مع التخلف عنها بحال ، واحتجوا بقوله عليه السلام صلاة الجماعة [ ص: 194 ] تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة انتهى . ( هل تسمع النداء ) أي الإعلام والتأذين بالصلاة ( لا أجد لك رخصة ) قال علي القاري : معناه لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها لا الإيجاب على الأعمى ، فإنه عليه السلام رخص لعتبان بن مالك في تركها ويؤيد ما قلنا من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر انتهى . قال المنذري : والحديث أخرجه ابن ماجه . وأخرج مسلم والنسائي من حديث أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فذكر نحوه .




                                                                      الخدمات العلمية