الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      589 حدثنا مسدد حدثنا إسمعيل ح و حدثنا مسدد حدثنا مسلمة بن محمد المعنى واحد عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لصاحب له إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما سنا وفي حديث مسلمة قال وكنا يومئذ متقاربين في العلم و قال في حديث إسمعيل قال خالد قلت لأبي قلابة فأين القرآن قال إنهما كانا متقاربين

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال له أو لصاحب له ) أي رفيق له ( فأذنا ) أمر من الأذان . قال الحافظ بن حجر في فتح الباري : المراد بقوله أذنا أي من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن وذلك لاستوائهما في الفضل ، ولا يعتبر في الأذان السن بخلاف الإمامة ، وهو واضح من سياق حديث الباب حيث قال : فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم وقال في مقام آخر من فتح الباري : قال أبو الحسن بن القصار : أراد به الفضل وإلا فأذان الواحد يجزئ ، وكأنه فهم منه أنه أمرهما أن يؤذنا جميعا كما هو ظاهر اللفظ ، فإن أراد أنهما يؤذنان معا فليس ذلك بمراد ، وقد قدمنا النقل عن السلف بخلافه ، وإن أراد أن كلا منهما يؤذن على حدة ففيه نظر فإن أذان الواحد يكفي الجماعة . نعم يستحب لكل أحد إجابة المؤذن ، فالأولى حمل الأمر على أن أحدهما يؤذن والآخر يجيب وقد تقدم له توجيه آخر في الباب الذي قبله ، وأن الحامل على صرفه عن ظاهره قوله فيه : فليؤذن لكم أحدكم واستروح القرطبي فحمل اختلاف ألفاظ الحديث على تعدد القصة وهو بعيد . وقال الكرماني : قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع والمراد واحد كقوله : يا حرسي اضربا عنقه وقوله : قتله بنو تميم مع أن القاتل والضارب واحد . انتهى مختصرا ( ثم أقيما ) قال الحافظ : فيه حجة [ ص: 224 ] لمن قال باستحباب إجابة المؤذن بالإقامة إن حمل الأمر على ما مضى وإلا فالذي يؤذن هو الذي يقيم . انتهى . ( ثم ليؤمكما أكبركما ) ظاهره تقديم الأكبر بكثير السن وقليله ، وأما من جوز أن يكون مراده بالكبر ما هو أعم من السن أو القدر كالتقدم في الفقه والقراءة والدين فبعيد لما تقدم من فهم راوي الخبر حيث قال للتابعي : فأين القراءة فإنه دال على أنه أراد كبر السن ، وكذا دعوى من زعم أن قوله : ( وليؤمكم أكبركم ) معارض بقوله : " يؤم القوم أقرؤهم " لأن الأول يقتضي تقديم الأكبر على الأقرأ والثاني عكسه ، ثم انفصل عنه بأن قصة مالك بن الحويرث واقعة عين قابلة الاحتمال بخلاف الحديث الآخر ، فإنه تقرير قاعدة تفيد التعميم ، قال فيحتمل أن يكون الأكبر منهم كان يومئذ هو الأفقه انتهى . والتنصيص على تقاربهم في العلم يرد عليه ، فالجمع الذي قدمناه أولى والله أعلم . قاله الحافظ في الفتح ( وفي حديث مسلمة قال وكنا يومئذ متقاربين في العلم ) قال الحافظ في الفتح : وأظن في هذه الرواية إدراجا ، فإن ابن خزيمة رواه من طريق إسماعيل ابن علية عن خالد قال : ( قلت لأبي قلابة فأين القراءة ؟ قال إنهما كانا متقاربين ) وأخرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن خالد الحذاء وقال فيه قال الحذاء : وكانا متقاربين في القراءة ، ويحتمل أن يكون مستند أبي قلابة في ذلك هو إخبار مالك بن الحويرث ، كما أن مستند الحذاء هو إخبار أبي قلابة له به ، فينبغي الإدراج عن الإسناد والله أعلم . انتهى . قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه بنحوه مختصرا ومطولا .




                                                                      الخدمات العلمية