الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومواليه

                                                                                                          656 حدثنا محمد بن بشار حدثنا مكي بن إبراهيم ويوسف بن يعقوب الضبعي السدوسي قالا حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بشيء سأل أصدقة هي أم هدية فإن قالوا صدقة لم يأكل وإن قالوا هدية أكل قال وفي الباب عن سلمان وأبي هريرة وأنس والحسن بن علي وأبي عميرة جد معرف بن واصل واسمه رشيد بن مالك وميمون بن مهران وابن عباس وعبد الله بن عمرو وأبي رافع وعبد الرحمن بن علقمة وقد روي هذا الحديث أيضا عن عبد الرحمن بن علقمة عن عبد الرحمن بن أبي عقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم وجد بهز بن حكيم اسمه معاوية بن حيدة القشيري قال أبو عيسى وحديث بهز بن حكيم حديث حسن غريب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ويوسف بن يعقوب الضبعي ) بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة وعين مهملة نزل في بني ضبيعة فنسب إليهم وليس منهم .

                                                                                                          قوله : ( وإن قالوا : هدية ؛ أكل ) فارقت الصدقة الهدية حيث حرمت عليه تلك وحلت له هذه بأن القصد من الصدقة ثواب الآخرة ، وذلك ينبئ عن عز المعطي وذل الآخذ في احتياجه إلى الترحم عليه والرفق إليه ، ومن الهدية التقرب إلى المهدى إليه وإكرامه بعرضها عليه ، ففيها غاية العزة والرفعة لديه . وأيضا فمن شأن الهدية مكافأتها في الدنيا ، ولذا كان -عليه الصلاة والسلام- يأخذ الهدية ويثيب عوضها عنها فلا منة ألبتة فيها بل لمجرد المحبة كما يدل عليه حديث : " تهادوا تحابوا " وأما جزاء الصدقة ففي العقبى ولا يجازيها إلا المولى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن سلمان وأبي هريرة وأنس والحسن بن علي وأبي عميرة جد معرف بن واصل واسمه رشيد بن مالك وميمون أو مهران وابن عباس وعبد الله بن عمرو [ ص: 259 ] وأبي رافع وعبد الرحمن بن علقمة ) أما حديث سلمان فأخرجه أحمد والحاكم في المستدرك من رواية أبي ذر الكندي عن سلمان : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة ، الحديث ، وفيه فسأله أصدقة أم هدية؟ فقال : هدية . فأكل ، اللفظ للحاكم . وروى أحمد من رواية أبي الطفيل عن سلمان قال : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة .

                                                                                                          وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان ، وأما حديث أنس فأخرجه أيضا الشيخان ، وأما حديث الحسن بن علي فأخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير من رواية أبي الحوراء قال : كنا عند الحسن بن علي فسأل ما عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : كنت أمشي معه فمر على جرين من تمرة الصدقة فأخذت تمرة فألقيتها في فمي فأخذها بلعابها ، فقال بعض القوم : وما عليك لو تركتها؟ فقال : إنا ـ آل محمد ـ لا تحل لنا الصدقة . وإسناده صحيح .

                                                                                                          وأما حديث أبي عميرة بفتح العين وكسر الميم واسمه رشيد بضم الراء وفتح الشين المعجمة فأخرجه الطحاوي عنه قال : كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتي بطبق عليه تمر فقال " أصدقة أم هدية؟ " الحديث ، وفيه : " إنا ـ آل محمد ـ لا نأكل الصدقة " ، وأخرج الكرخي في مسنده نحوه .

                                                                                                          وأما حديث ميمون أو مهران فأخرجه عبد الرزاق .

                                                                                                          وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو يعلى والطبراني في الكبير قال : استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- الأرقم بن أبي الأرقم على السعاية فاستتبع أبا رافع فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله فقال : يا أبا رافع ، إن الصدقة حرام علي وعلى آل محمد وإن مولى القوم من أنفسهم .

                                                                                                          وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد عنه بلفظ : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجد تمرة تحت جنبه من الليل فأكلها فلم ينم تلك الليلة فقال بعض نسائه : يا رسول الله ، أرقت البارحة ، قال : " إني وجدت تمرة فأكلتها ، وكان عندنا تمر من تمر الصدقة فخشيت أن يكون منه " .

                                                                                                          وأما حديث أبي رافع فأخرجه أبو داود بلفظ : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع : اصحبني فإنك تصيب منها فقال : حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله ، فأتاه فسأله فقال : " مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة " . واسم أبي رافع إبراهيم أو أسلم أو ثابت أو هرمز مولى النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          وأما حديث عبد الرحمن بن علقمة فأخرجه النسائي عنه قال : قدم وفد لثقيف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعهم هدية فقال : " أهدية أم صدقة " الحديث ، وفيه : قالوا : لا ، فقبلها .

                                                                                                          [ ص: 260 ] قوله : ( عن عبد الرحمن بن أبي عقيل ) بفتح العين وكسر القاف ( اسمه معاوية بن حيدة ) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتانية وفتح الدال المهملة ( القشيري ) قال في المغني بضم قاف وفتح شين معجمة وسكون ياء منسوب إلى قشير بن كعب منه بهز بن حكيم ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية