الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان

                                                                                                          687 حدثنا مسلم بن حجاج حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله أحصوا هلال شعبان لرمضان قال أبو عيسى حديث أبي هريرة غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معاوية والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا يومين وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث محمد بن عمرو الليثي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا مسلم بن حجاج ) هو صاحب الصحيح . قال العراقي : لم يرو المصنف في كتابه شيئا عن مسلم صاحب الصحيح إلا هذا الحديث وهو من رواية الأقران فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( أحصوا ) بقطع الهمزة أمر من الإحصاء وهو في الأصل العد بالحصى أي عدوا ( هلال شعبان ) أي أيامه ( لرمضان ) أي لأجل رمضان أو للمحافظة على صوم رمضان . وقال ابن الملك : أي لتعلموا دخول رمضان . قال الطيبي : الإحصاء المبالغة في العد بأنواع الجهد ، ولذلك كني به عن الطاقة في قوله -عليه الصلاة والسلام- : " استقيموا ولن تحصوا " ، انتهى .

                                                                                                          وقال ابن حجر : أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء ، كذا في المرقاة . قال السيوطي في قوت المغتذي : هذا الحديث مختصر من حديث قد رواه الدارقطني بتمامه فزاد : " ولا تخلطوا برمضان إلا أن يوافق ذلك صياما ما كان يصومه أحدكم ، وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فإنها ليست تغمى عليكم العدة " ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( لا نعرفه مثل هذا ) أي بهذا اللفظ ( إلا من حديث معاوية ) يعني أنه قد تفرد بهذا اللفظ ( والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة إلخ ) . لقائل أن يقول : إن [ ص: 300 ] حديث أبي معاوية عن محمد بن عمرو بلفظ : " أحصوا هلال شعبان لرمضان " ، وما روي عن محمد بن عمرو بلفظ : " لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا يومين " ، حديثان يدلان على معنيين ، فالأول : يدل على إحصاء هلال شعبان والتحفظ به ، وقد روى أبو داود عن عائشة قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره . . . . الحديث ، والحديث الآخر يدل على النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين ، فالظاهر أن محمد بن عمرو يروي هذين الحديثين عن أبي سلمة عن أبي هريرة فروى عنه أبو معاوية الحديث الأول وروى عنه غيره الحديث الآخر ، فعلى هذا يكون الحديثان صحيحين فتفكر ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية