الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الحلق والتقصير

                                                                                                          913 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر قال حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم قال ابن عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله المحلقين مرة أو مرتين ثم قال والمقصرين قال وفي الباب عن ابن عباس وابن أم الحصين ومارب وأبي سعيد وأبي مريم وحبشي بن جنادة وأبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون للرجل أن يحلق رأسه وإن قصر يرون أن ذلك يجزئ عنه وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( قال رحم الله المحلقين مرة أو مرتين إلخ ) لفظ حديث أبي هريرة عند الشيخين : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " اللهم اغفر للمحلقين " قالوا : يا رسول الله ، وللمقصرين ، قال : " اللهم اغفر للمحلقين " قالوا : يا رسول الله ، وللمقصرين . قال : " اللهم اغفر للمحلقين " قالوا : يا رسول الله [ ص: 565 ] وللمقصرين ، قال : " وللمقصرين " والحديث يدل على أن الحلق أفضل من التقصير لتكريره -صلى الله عليه وسلم- الدعاء للمحلقين وترك الدعاء للمقصرين في المرة الأولى والثانية مع سؤالهم له ذلك . وظاهر صيغة المحلقين أنه يشرع حلق جميع الرأس ؛ لأنه الذي تقتضيه الصيغة إذ لا يقال لمن حلق بعض رأسه أنه حلقه إلا مجازا . وقد قال بوجوب حلق الجميع أحمد ومالك واستحبه الكوفيون والشافعي ويجزئ البعض عندهم ، واختلفوا في مقداره ؛ فعن الحنفية الربع إلا أن أبا يوسف قال النصف ، وعن الشافعي أقل ما يجب حلق ثلاث شعرات ، وفي وجه لبعض أصحابه شعرة واحدة وهكذا الخلاف في التقصير ، كذا في النيل .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس وابن أم الحصين ومارب وأبي سعيد وأبي مريم وحبشي بن جنادة وأبي هريرة ) أما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه . وأما حديث ابن أم الحصين فلم أقف عليه ، نعم أخرج مسلم عن أم الحصين مرفوعا وفيه : دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة . وأما حديث مارب ـ ويقال له قارب ـ فأخرجه ابن منده في الصحابة . وأما حديث أبي سعيد فأخرجه ابن أبي شيبة . وأما حديث أبي مريم فأخرجه أحمد في مسنده . وأما حديث حبشي بن جنادة فأخرجه ابن أبي شيبة . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان . وقد ذكر العيني في عمدة القاري ألفاظ حديث هؤلاء الصحابة مع تراجمهم رضي الله عنهم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما .

                                                                                                          قوله : ( هو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ) قال الحافظ في الفتح : في حديث الباب من الفوائد أن التقصير يجزئ عن الحلق وهو مجمع عليه ، انتهى .

                                                                                                          [ ص: 566 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية