الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1025 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على ميت ففهمت من صلاته عليه اللهم اغفر له وارحمه واغسله بالبرد واغسله كما يغسل الثوب قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال محمد أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث [ ص: 92 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 92 ] قوله : ( ففهمت من صلاته ) ، وفي رواية لمسلم : فحفظت من دعائه ، وفي رواية أخرى له : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة يقول ( واغسله بالبرد ) بفتحتين ، وهو حب الغمام ، قاله العيني ، روى الترمذي هذا الحديث ، هكذا مختصرا ، ورواه مسلم مطولا ، ولفظه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه ، وهو يقول : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار . انتهى ، قال النووي : فيه إشارة إلى الجهر بالدعاء في صلاة الجنازة ، وقد اتفق أصحابنا على أنه إن صلى عليها بالنهار أسر بالقراءة ، وإن صلى بالليل ففيه وجهان : الصحيح الذي عليه الجمهور يسر ، والثاني يجهر ، وأما الدعاء فيسر به بلا خلاف ، وحينئذ يتأول هذا الحديث على أن قوله حفظت من دعائه أي : علمنيه بعد الصلاة فحفظته . انتهى . قلت : ويرد هذا التأويل قوله في رواية أخرى : سمعت ، وقال القاري في المرقاة وهذا- يعني : قوله حفظت - لا ينافي ما تقرر في الفقه من ندب الإسرار ؛ لأن الجهر هنا للتعليم لا غير . انتهى ، وقال الشوكاني في النيل : قوله سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا قوله : فحفظت من دعائه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء ، وهو خلاف ما صرح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء ، وقد قيل : إن جهره صلى الله عليه وسلم بالدعاء لقصد تعليمهم ، وأخرج أحمد عن جابر قال ما أباح لنا في دعاء الجنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر وفسر أباح بمعنى قدر ، قال الحافظ : والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر ، والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان . انتهى كلام الشوكاني .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) ، وأخرجه مسلم ( وقال محمد بن إسماعيل : أصح شيء في هذا الباب هذا الحديث ) أي : حديث عوف بن مالك ، وقد ورد في هذا الباب أحاديث منها الذي ذكره الترمذي ، ومنها حديث واثلة بن الأسقع أخرجه أبو داود ، ومنها حديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أحمد ، وابن ماجه ، قال الحافظ ابن حجر : واختلاف الأحاديث في ذلك محمول على أنه يدعو لميته بدعاء ولآخر بآخر . انتهى ، قال الشوكاني : إذا كان المصلى عليه طفلا [ ص: 93 ] استحب أن يقول المصلي : اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا ، روى ذلك البيهقي من حديث أبي هريرة ، وروى مثله سفيان في جامعه عن الحسن قال : والظاهر أنه يدعو بهذه الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرا ، أو أنثى ، ولا يحول الضمائر المذكرة إلى صيغة التأنيث إذا كانت الميت أنثى ؛ لأن مرجعها الميت ، وهو يقال على الذكر والأنثى . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية