الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1242 حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير فآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق فآخذ مكانها الدنانير فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته خارجا من بيت حفصة فسألته عن ذلك فقال لا بأس به بالقيمة قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفا والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أن لا بأس أن يقتضي الذهب من الورق والورق من الذهب وهو قول أحمد وإسحق وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ذلك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( بالبقيع ) بالموحدة ، والمراد به بقيع الغرقد ، فإنهم كانوا يقيمون السوق فيه قبل أن يتخذ مقبرة وروي النقيع بالنون ، وهو موضع قريب من المدينة يستنقع فيه الماء أي : يجتمع ، كذا في النهاية . ( فأبيع بالدنانير ) أي : تارة ( فآخذ مكانها ) أي : مكان الدنانير ( الورق ) أي : الفضة ، وهو بفتح الواو ، وكسر الراء وبإسكانها على المشهور ويجوز فتحهما ، وقيل بكسر الواو المضروبة وبفتحها المال ( وأبيع بالورق ) أي : تارة أخرى ( فقال لا بأس به بالقيمة ) أي : لا بأس أن تأخذ بدل الدنانير الورق بالعكس بشرط [ ص: 371 ] التقابض في المجلس ، وفي المشكاة فقال : لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء ، قال ابن الملك أي شيء من علقة الاستبدال ، وهو التقابض في المجلس في بيع النقد بالنقد ، ولو مع اختلاف الجنس . انتهى ، قال الطيبي رحمه الله : فإنما نكره أي : لفظ شيء ، وأبهمه للعلم بالمراد ، وإن تقابض النقدين في المجلس مما هو مشهور لا يلتبس على كل أحد ، كذا في المرقاة والضمير المنصوب في قوله أن تأخذها راجع إلى أحد النقدين من الدراهم والدنانير على البدل كما ذكره الطيبي رحمه الله ، قال الشوكاني في النيل : فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذي في الذمة بغيره ، وظاهره أنهما غير حاضرين جميعا ، بل الحاضر أحدهما ، وهو غير اللازم فيدل على أن ما في الذمة كالحاضر . انتهى قوله : ( هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك إلخ ) وأخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأحمد ، وصححه الحاكم . قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم إلخ ) قال في النيل ، وهو محكي عن عمر وابنه عبد الله والحسن والحكم وطاوس والزهري ، ومالك ، والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي ، وأحمد ، وغيرهم ، وروي عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ، وأحد قولي الشافعي أنه مكروه أي : الاستبدال المذكور والحديث يرد عليهم ، واختلف الأولون فمنهم من قال : يشترط أن يكون بسعر يومها كما وقع في الحديث ، وهو مذهب أحمد ، وقال أبو حنيفة والشافعي أنه يجوز بسعر يومها وأغلى وأرخص ، وهو خلاف ما في الحديث من قوله بسعر يومها ، وهو أخص من حديث : إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد . فيبنى العام على الخاص .




                                                                                                          الخدمات العلمية