الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1258 حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا حبان حدثنا هارون الأعور المقرئ حدثنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد عن عروة البارقي قال دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا لأشتري له شاة فاشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ما كان من أمره فقال له بارك الله لك في صفقة يمينك فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم فكان من أكثر أهل الكوفة مالا حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا حبان حدثنا سعيد بن زيد قال حدثنا الزبير بن خريت فذكر نحوه عن أبي لبيد قال أبو عيسى وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا به وهو قول أحمد وإسحق ولم يأخذ بعض أهل العلم بهذا الحديث منهم الشافعي وسعيد بن زيد أخو حماد بن زيد وأبو لبيد اسمه لمازة بن زبار

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا الزبير بن خريت ) بكسر المعجمة والراء المشددة المكسورة ، وآخره مثناة وثقه أحمد ، وابن معين ( عن أبي لبيد ) اسمه لمازة بكسر اللام وتخفيف الميم وبالزاي ابن الزبار بفتح الزاي وتثقيل الموحدة وآخره راء ، صدوق ناصبي من [ ص: 393 ] الثالثة ، كذا في التقريب . قوله : ( فاشتريت له شاتين ) فيه دليل على أنه يجوز للوكيل إذا قال له المالك : اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها أن يشتري بها شاتين بالصفة المذكورة ؛ لأن مقصود الموكل قد حصل وزاد الوكيل خيرا ومثل هذا لو أمره أن يبيع شاة بدرهم فباعها بدرهمين ، أو بأن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم ، وهو الصحيح عند الشافعية كما نقله النووي في زيادات الروضة ( فقال بارك الله في صفقة يمينك ) بفتح صاد وسكون فاء ، والمعنى بارك الله في بيعك وتجارتك ( فكان بعد ذلك يخرج إلى كناسة الكوفة ) بضم الكاف وتخفيف النون موضع بالكوفة ( فيربح الربح العظيم إلخ ) وفي رواية البخاري فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعه بالبركة . فكان لو اشترى ترابا لربح فيه ، وحديث عروة البارقي هذا أخرجه أحمد والبخاري ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وفي إسناده من عدا البخاري سعيد بن زيد أخو حماد ، وهو مختلف فيه عن أبي لبيد لمازة بن زبار ، وقد قيل : إنه مجهول لكنه قال : إنه وثقه ابن سعد ، وقال حرب : سمعت أحمد يثني عليه ، وقال في التقريب : إنه ناصبي أجلد ، قال المنذري والنووي : إسناده صحيح لمجيئه من وجهين ، وقد رواه البخاري من طريق ابن عيينة عن شعيب بن غرقد ، سمعت الحي يحدثون عن عروة ، قال الحافظ : الصواب أنه متصل في إسناده مبهم .

                                                                                                          قوله : ( وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا به ، وهو قول أحمد وإسحاق إلخ ) قال في النيل : في الحديث دليل على صحة بيع الفضولي ، وبه قال مالك ، وأحمد في إحدى الروايتين عنه ، والشافعي في القديم ، وقواه النووي في الروضة ، وهو مروي عن جماعة من السلف منهم علي ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وقال الشافعي في الجديد [ ص: 394 ] ، وأصحابه : إن البيع الموقوف والشراء الموقوف باطلان لحديث : لا تبع ما ليس عندك ، وأجابوا عن حديثي الباب بما فيهما من المقال وعلى تقدير الصحة فيمكن أنه كان وكيلا بالبيع بقرينة فهمها منه صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو حنيفة : إنه يكون البيع الموقوف صحيحا دون الشراء ، والوجه أن الإخراج عن ملك المالك مفتقر إلى إذنه بخلاف الإدخال ، ويجاب بأن الإدخال للمبيع في الملك يستلزم الإخراج من الملك للثمن ، وروي عن مالك العكس من قول أبي حنيفة ، فإن صح فهو قوي ؛ لأن فيه جمعا بين الأحاديث . انتهى كلام الشوكاني .




                                                                                                          الخدمات العلمية