الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن رضخ رأسه بصخرة

                                                                                                          1394 حدثنا علي بن حجر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا همام عن قتادة عن أنس قال خرجت جارية عليها أوضاح فأخذها يهودي فرضخ رأسها بحجر وأخذ ما عليها من الحلي قال فأدركت وبها رمق فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال من قتلك أفلان قالت برأسها لا قال ففلان حتى سمي اليهودي فقالت برأسها أي نعم قال فأخذ فاعترف فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول أحمد وإسحق وقال بعض أهل العلم لا قود إلا بالسيف [ ص: 542 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 542 ] الرضخ : الدق والكسر .

                                                                                                          قوله : ( عليها أوضاح ) جمع : وضح بفتحتين ، وهي نوع من الحلي من الفضة سميت بها لبياضها ( فأخذها ) أي : الجارية ( فرضخ رأسها ) أي : رض رأسها بين حجرين كما في رواية الشيخين ( أدركت ) بصيغة المجهول أي : أدركها الناس ( وبها رمق ) بفتحتين أي : بقية الروح ، وآخر النفس ، والجملة حالية قوله : ( حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان قوله : ( والعمل على هذا ) أي : على ما يدل عليه هذا الحديث من جواز القود بمثل ما قتل به المقتول ( وهو قول أحمد وإسحاق ) وإليه ذهب الجمهور ويؤيد ذلك عموم قوله تعالى وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وقوله تعالى فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها وما أخرجه البيهقي ، والبزار من حديث البراء ، وفيه : من حرق حرقناه ، ومن غرق غرقناه ، قال البيهقي : في إسناده بعض من يجهل ، وإنما قاله زياد في خطبته ، وهذا إذا كان السبب الذي وقع القتل به مما يجوز فعله لا إذا كان لا يجوز لمن قتل غيره بإيجاره الخمر ، أو اللواط به ( وقال بعض أهل العلم لا قود إلا بالسيف ) قال الشوكاني ذهبت العترة والكوفيون ومنهم أبو حنيفة ، وأصحابه إلى أن الاقتصاص لا يكون إلا بالسيف ، واستدلوا بحديث النعمان بن بشير عند ابن ماجه والبزار والطحاوي والطبراني والبيهقي بألفاظ مختلفة منها : لا قود إلا بالسيف : وأخرجه ابن ماجه أيضا ، والبزار ، والبيهقي من حديث أبي بكرة ، وأخرجه الدارقطني ، والبيهقي من حديث أبي هريرة ، وأخرجه الدارقطني من حديث علي ، وأخرجه البيهقي والطبراني من حديث ابن مسعود ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن الحسن مرسلا ، وهذه الطرق كلها لا تخلو واحدة منها من ضعيف ، أو متروك حتى قال أبو حاتم : حديث منكر ، وقال عبد الحق ، وابن الجوزي : طرقه كلها ضعيفة . [ ص: 543 ] ، وقال البيهقي : لم يثبت له إسناد ، ويؤيد معنى هذا الحديث الذي يقوي بعض طرقه بعضا حديث شداد بن أوس عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وإحسان القتل لا يحصل بغير ضرب العنق بالسيف كما يحصل به ، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يأمر بضرب عنق من أراد قتله حتى صار ذلك هو المعروف في أصحابه فإذا رأوا رجلا يستحق القتل قال قائلهم : يا رسول الله دعني أضرب عنقه ، حتى قيل : إن القتل بغير ضرب العنق بالسيف مثلة ، وقد ثبت النهي عنها . انتهى كلام الشوكاني .




                                                                                                          الخدمات العلمية