الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1406 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ابن أبي ذئب حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسفكن فيها دما ولا يعضدن فيها شجرا فإن ترخص مترخص فقال أحلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله أحلها لي ولم يحلها للناس وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ثم إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل وإني عاقله فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ورواه شيبان أيضا عن يحيى بن أبي كثير مثل هذا وروي عن أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل له قتيل فله أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية وذهب إلى هذا بعض أهل العلم وهو قول أحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي شريح ) بالتصغير قال صاحب المشكاة هو أبو شريح خويلد بن عمرو الكعبي الخزاعي أسلم قبل الفتح ، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين ، وهو مشهور بكنيته ( إن الله حرم مكة ) أي : جعلها محرمة معظمة وأهلها تبع لها في الحرمة ( ولم يحرمها الناس ) أي : من عندهم فلا ينافي أنه حرمها إبراهيم بأمر الله تعالى ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ) اكتفى بطرفي المؤمن به عن بقيته ( فلا يسفكن ) أي : فلا يسكبن ( فيها دما ) أي : بالجرح والقتل ، قال القاري : وهذا إذا كان دما مهدرا وفق قواعدنا ، وإلا فالدم المعصوم يستوي فيه الحرم ، وغيره في حرمة سفكه ( ولا يعضدن ) بكسر الضاد المعجمة أي : ولا يقطع ( فيها شجرا ) وفي معناها النبات والحشيش ( فقال ) أي : المترخص عطف على ترخص ( فإن الله أحلها لي ) وفي رواية الشيخين : فقولوا إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وبه تم جواب المترخص ، ثم ابتدأ وعطف على الشرط فقال : وإنما أحلت لي إلخ ( ثم هي ) أي : مكة ( ثم إنكم معشر خزاعة ) بضم أوله أي : يا معشر خزاعة ، وكانت خزاعة قتلوا في تلك الأيام رجلا من قبيلة بني هذيل بقتيل لهم في الجاهلية فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ديته لإطفاء الفتنة بين الفئتين ( من هذيل ) بالتصغير ( وإني عاقله ) أي [ ص: 551 ] مؤد ديته من العقل ، وهو الدية ، وقد تقدم وجه تسمية الدية بالعقل ( فمن قتل له ) بصيغة المجهول ( فأهله بين خيرتين ) بكسر الخاء المعجمة وفتح التحتية أي : اختيارين والمعنى مخير بين أمرين ( إما أن يقتلوا ) أي : قاتله ( أو يأخذوا العقل ) أي : الدية من عاقلة القاتل . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) أصل هذين الحديثين في الصحيحين .

                                                                                                          قوله : ( وروي عن أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قتل له قتيل فله أن يقتل ، أو يعفو ويأخذ الدية ) وفي بعض النسخ ، أو يأخذ الدية بلفظ ( أو ) مكان الواو ، وهو الظاهر . روى الدارمي عن أبي شريح الخزاعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أصيب بدم ، أو خبل ، والخبل : الجرح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص ، أو يعفو ، أو يأخذ العقل . الحديث ، ورواه أيضا أبو داود ، وابن ماجه كما عرفت في كلام الحافظ .




                                                                                                          الخدمات العلمية