الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الرجم على الثيب

                                                                                                          1433 حدثنا نصر بن علي وغير واحد حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة سمعه من أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل أنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلان يختصمان فقام إليه أحدهما وقال أنشدك الله يا رسول الله لما قضيت بيننا بكتاب الله فقال خصمه وكان أفقه منه أجل يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي فأتكلم إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم ففديت منه بمائة شاة وخادم ثم لقيت ناسا من أهل العلم فزعموا أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأة هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله المائة شاة والخادم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب بإسناده نحو حديث مالك بمعناه قال وفي الباب عن أبي بكرة وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وجابر بن سمرة وهزال وبريدة وسلمة بن المحبق وأبي برزة وعمران بن حصين قال أبو عيسى حديث أبي هريرة وزيد بن خالد حديث حسن صحيح وهكذا روى مالك بن أنس ومعمر وغير واحد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم ورووا بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا زنت الأمة فاجلدوها فإن زنت في الرابعة فبيعوها ولو بضفير وروى سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل قالوا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم هكذا روى ابن عيينة الحديثين جميعا عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل وحديث ابن عيينة وهم فيه سفيان بن عيينة أدخل حديثا في حديث والصحيح ما روى محمد بن الوليد الزبيدي ويونس بن عبيد وابن أخي الزهري عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت الأمة فاجلدوها والزهري عن عبيد الله عن شبل بن خالد عن عبد الله بن مالك الأوسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت الأمة وهذا الصحيح عند أهل الحديث وشبل بن خالد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم إنما روى شبل عن عبد الله بن مالك الأوسي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الصحيح وحديث ابن عيينة غير محفوظ وروي عنه أنه قال شبل بن حامد وهو خطأ إنما هو شبل بن خالد ويقال أيضا شبل بن خليد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وشبل ) بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة هو ابن خالد ، أو ابن خليد كما صرح به الترمذي فيما بعد ، قال الحافظ : شبل بن حامد ، أو ابن خليد المزني مقبول من الثالثة . انتهى ، وقد تفرد بذكر شبل في الحديث سفيان بن عيينة ، وهو وهم منه كما بينه الترمذي فيما بعد ( فقال : أنشدك الله ) بصيغة المتكلم من باب نصر ، قال الحافظ : أي : أسألك بالله وضمن أنشدك معنى أذكرك . فحذف الباء أي : أذكرك رافعا نشيدتي أي : صوتي ، هذا أصله ، ثم استعمل في كل مطلوب مؤكد ، ولو لم يكن هناك رفع صوت ، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل رفع الرجل صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم مع النهي عنه ، ثم أجاب عنه بأنه لم يبلغه النهي لكونه أعرابيا ( لما قضيت بيننا بكتاب الله ) لما بتشديد الميم بمعنى ألا ، وفي رواية الشيخين ألا قضيت ، قال الحافظ قيل فيه استعمال الفعل بعد الاستثناء بتأويل المصدر ، وإن لم يكن فيه حرف مصدري لضرورة افتقار المعنى إليه ، وهو من المواضع التي يقع فيها الفعل موقع الاسم ، ويراد به النفي المحصور فيه المفعول ، والمعنى هنا : لا أسألك [ ص: 584 ] إلا القضاء بكتاب الله ، ويحتمل أن تكون إلا جواب القسم لما فيها من معنى الحصر . تقديره : أسألك بالله لا تفعل شيئا إلا القضاء ، فالتأكيد إنما وقع لعدم التشاغل بغيره لا لأن لقوله بكتاب الله مفهوما ، والمراد بكتاب الله ما حكم به وكتب على عباده ، وقيل : المراد القرآن ، وهو المتبادر ، وقال ابن دقيق العيد : الأول أولى ؛ لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله ، قال الحافظ : ويحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما . انتهى . ( فقال خصمه ، وكان أفقه منه أجل ) بفتحتين وسكون اللام أي : نعم ، قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي : يحتمل أن يكون الراوي كان عارفا بهما قبل أن يتحاكما ، فوصف الثاني بأنه أفقه من الأول ، إما مطلقا وإما في هذه القصة الخاصة ، أو استدل بحسن أدبه في استئذانه وترك رفع صوته إن كان الأول رفعه وتأكيده السؤال على فقهه ، وقد ورد أن حسن السؤال نصف العلم ، وأورده ابن السني في كتاب رياضة المتعلمين حديثا مرفوعا بسند ضعيف قاله الحافظ . ( اقض ) أي : احكم ( إن ابني كان عسيفا ) أي : أجيرا ويطلق أيضا على الخادم وعلى العبد ( على هذا ) ضمن " على " معنى " عند " بدليل رواية عمرو بن شعيب ، وفي رواية محمد بن يوسف عسيفا في أهل هذا ، وكان الرجل استخدمه فيما تحتاج إليه امرأته من الأمور فكان ذلك سببا لما وقع له معها ، كذا في الفتح ( فزنى ) أي : الأجير ( بامرأته ) أي : المستأجر ( فأخبروني ) أي : بعض العلماء ( ففديت منه ) أي : ابني ( بمائة شاة وخادم ) أي : أعطيتهما فداء وبدلا عن رجم ابني ( فزعموا ) أي : قالوا - ، وفي رواية الشيخين - فأخبروني ( أن على ابني جلد مائة ) بفتح الجيم أي : ضرب مائة جلدة لكونه غير محصن ( وتغريب عام ) أي : إخراجه عن البلد سنة ( وإنما الرجم على امرأة هذا ) أي : لأنها محصنة ( المائة شاة والخادم رد عليك ) أي : مردود عليك ( واغد ) بضم الدال ، وهو أمر بالذهاب في الغدوة ، كما أن رح أمر بالذهاب في الرواح ، ثم استعمل كل في معنى الآخر أي : فاذهب ( يا أنيس ) تصغير أنس ، وهو ابن الضحاك الأسلمي ( على امرأة هذا ) أي : إليها ، وفيه تضمين [ ص: 585 ] أي : حاكما إليها ( فإن اعترفت فارجمها ) قال القاري : به أخذ مالك والشافعي في أنه يكفي في الإقرار مرة واحدة فإنه صلى الله عليه وسلم علق رجمها باعترافها ، ولم يشترط الأربع ، كما هو مذهبنا ، وأجيب بأن المعنى : فإن اعترفت الاعتراف المعهود ، وهو أربع مرات فارجمها . انتهى . قلت : قد تقدم الكلام في هذا .

                                                                                                          قوله : ( عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني إلخ ) ليس في هذه الرواية ذكر شبل ، وهو المحفوظ كما ستقف عليه .

                                                                                                          - قوله : ( حديث أبي هريرة وزيد بن خالد حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة .

                                                                                                          قوله : ( ورووا بهذا الإسناد ) أي : عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد أي : بدون ذكر شبل ( عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا زنت الأمة إلخ ) أخرجه الشيخان ( وشبل بن خالد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم إنما روى شبل عن عبد الله بن مالك الأوسي عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 586 ] وهذا الصحيح وحديث ابن عيينة غير محفوظ ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب : شبل بن حامد ، ويقال : ابن خالد ، ويقال : ابن خليد ، ويقال : ابن معبد المزني . روى عن عبد الله بن مالك الأوسي حديث الوليدة إذا زنت فاجلدوها : وعنه به عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، كذا رواه أصحاب الزهري عنه وخالفهم ابن عيينة فروى عن الزهري عن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث العسيف ، ولم يتابع على ذلك رواه النسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، وقال النسائي : الصواب الأول ، قال : وحديث ابن عيينة خطأ وروى البخاري حديث ابن عيينة فأسقط منه شبلا ، قال الدوري عن ابن معين ليست لشبل صحبة . انتهى . ( وروي عنه ) أي : عن سفيان بن عيينة ( أنه قال : شبل بن حامد ، وهو خطأ إنما هو شبل بن خالد ، ويقال أيضا : شبل بن خليد ) بالتصغير ، وقد بسط الحافظ الكلام في هذا في تهذيب التهذيب إن شئت الوقوف عليه فارجع إليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية