الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1454 حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا محمد بن يوسف عن إسرائيل حدثنا سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الكندي عن أبيه أن امرأة خرجت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة فتلقاها رجل فتجللها فقضى حاجته منها فصاحت فانطلق ومر عليها رجل فقالت إن ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا ومرت بعصابة من المهاجرين فقالت إن ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها وأتوها فقالت نعم هو هذا فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أمر به ليرجم قام صاحبها الذي وقع عليها فقال يا رسول الله أنا صاحبها فقال لها اذهبي فقد غفر الله لك وقال للرجل قولا حسنا وقال للرجل الذي وقع عليها ارجموه وقال لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل وعبد الجبار لم يسمع من أبيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2386 قوله : ( تريد الصلاة ) حال أو استئناف تعليل ( فتلقاها رجل ) أي قابلها ( فتجللها ) أي فغشيها بثوبه فصار كالجل عليها ( فقضى حاجته منها ) قال القاضي أي غشيها وجامعها ، كنى به عن الوطء كما كنى عنه بالغشيان ( فانطلق ) أي الرجل الذي جامعها ( ومر بها رجل ) أي آخر غير الذي جللها ( فقالت إن ذلك الرجل ) أي المار الذي لم يجللها ( فعل بي كذا وكذا ) أي التجليل وقضاء الحاجة منها ، والحال أن ذلك الرجل المار ما كان فعل بها ( ومرت عصابة ) بكسر العين أي جماعة ، وفي رواية أبي داود : ومرت عصابة ( فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها ) وكان ظنها غلطا ( أنا صاحبها ) أي أنا الذي جللتها وقضيت حاجتي منها لا الذي أخذوه وأتوا به عندك ( فقال لها [ ص: 15 ] اذهبي فقد غفر الله لك ) لكونها مكرهة ( وقال للرجل ) زاد في رواية أبي داود يعني الرجل المأخوذ ( قولا حسنا ) لأنه كان مأخوذا من غير ذنب ( وقال للرجل الذي وقع عليها ارجموه ) لأنه كان معترفا بما قالت المرأة وكان محصنا ( وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل ) أما كون علقمة أكبر من عبد الجبار فيدل عليه رواية أبي داود المذكورة . وأما سماع علقمة من أبيه فيدل عليه روايات عديدة ، منها ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث القصاص من طريق سماك بن حرب عن علقمة بن وائل حدثه أن أباه حدثه الحديث . ومنها ما أخرجه النسائي في باب رفع اليدين عند الرفع من الركوع أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن قيس بن سليم العنبري حدثني علقمة بن وائل حدثني أبي فذكر الحديث . وأخرجه البخاري في جزء رفع اليدين : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين أنبأنا قيس بن سليم العنبري قال : سمعت علقمة بن وائل بن حجر حدثني أبي فذكر الحديث . فقوله إن أباه حدثه في رواية مسلم وكذا قوله حدثني أبي في رواية النسائي والبخاري دليل صريح على سماع علقمة من أبيه . فالحق أن علقمة سمع من أبيه وأنه أكبر من أخيه عبد الجبار .

                                                                                                          فإن قيل : قال الحافظ في التقريب : علقمة بن وائل بن حجر صدوق إلا أنه لم يسمع من أبيه انتهى . وقد قال في أوائل التقريب إني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه وأعدل ما وصف به انتهى . فظهر أن أعدل الأقوال وأصحها أن علقمة لم يسمع من أبيه .

                                                                                                          قلت : قول الحافظ في التقريب بأن علقمة لم يسمع من أبيه معارض بقوله في بلوغ المرام في صفة الصلاة بعد ذكر حديث من طريق علقمة بن وائل عن أبيه رواه أبو داود بإسناد صحيح . فقول الحافظ رواه أبو داود بإسناد صحيح ، يدل على أن علقمة سمع من أبيه ، والظاهر أن يقال : إن الحافظ كان قائلا أولا بعدم سماع علقمة من أبيه ثم تحقق عنده سماعه منه فرجع من قوله الأول والله تعالى أعلم . وإن لم يقل هذا فلا شك أن قوله في التقريب ، بأن علقمة لم يسمع من أبيه ، يرده رواية أبي داود المذكورة والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية