الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الذكاة بالقصب وغيره

                                                                                                          1491 حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده رافع بن خديج قال قلت يا رسول الله إنا نلقى العدو غدا وليست معنا مدى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه ما لم يكن سنا أو ظفرا وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري قال حدثنا أبي عن عباية عن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه عباية عن أبيه وهذا أصح وعباية قد سمع من رافع والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون أن يذكى بسن ولا بعظم [ ص: 57 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 57 ] 2454 قوله : ( بالقصب ) قال في القاموس : القصب محركة كل نبات ذي أنابيب .

                                                                                                          2455 قوله : ( إنا نلقى العدو غدا ) لعله عرف ذلك بخبر أو بقرينة وليست معنا مدى بضم الميم مخفف مقصور جمع مدية بسكون الدال بعدها تحتانية وهي السكين ، سميت بذلك لأنها تقطع مدى الحيوان أي عمره والرابط بين قوله نلقى العدو وليست معنا مدى يحتمل أن يكون مراده أنهم إذا لقوا العدو وصاروا بصدد أن يغنموا منهم ما يذبحونه ، ويحتمل أن يكون مراده أنهم يحتاجون إلى ذبح ما يأكلونه ليتقووا به على العدو إذا لقوه ( ما أنهر الدم ) أي أساله وصبه بكثرة شبهه بجري الماء في النهر قال عياض : هذا هو المشهور في الروايات بالراء . وذكره أبو ذر بالزاي وقال النهز بمعنى الدفع وهو غريب وما موصولة في موضع الرفع بالابتداء وخبرها فكلوا ، والتقدير ما أنهر الدم فهو حلال فكلوا ، ويحتمل أن تكون شرطية ( وذكر اسم الله عليه ) بصيغة المجهول وفيه دليل على اشتراط التسمية لأنه علق الإذن بمجموع الأمرين وهما : الإنهار والتسمية ، والمعلق على شيئين لا يكتفى فيه إلا باجتماعهما وينتفي بانتفاء أحدهما ( ما لم يكن سن أو ظفر ) كذا في النسخ الحاضرة بالرفع ، وكذلك في بعض نسخ أبي داود ، وفي بعضها سنا أو ظفرا بالنصب ، وهو الظاهر ( وسأحدثكم عن ذلك ) اختلف في هذا ، هل هو من جملة المرفوع ، أو مدرج ( أما السن فعظم ) قال البيضاوي : هو قياس حذفت منه المقدمة الثانية لشهرتها عندهم والتقدير ، أما السن فعظم وكل عظم لا يحل الذبح به ، وطوى النتيجة لدلالة الاستثناء عليها . وقال ابن الصلاح : في مشكل الوسيط هذا يدل على أنه عليه السلام كان قد قرر كون الذكاة لا تحصل بالعظم ، فلذلك اقتصر على قوله فعظم . قال : ولم أر بعد البحث من نقل المنع من الذبح بالعظم معنى يعقل ، وكذا وقع في كلام ابن عبد السلام ، وقال النووي معنى الحديث : لا تذبحوا بالعظام فإنها تنجس بالدم . وقد نهيتم عن تنجيسها ; لأنها زاد إخوانكم من الجن ، وقال ابن الجوزي في المشكل : هذا [ ص: 58 ] يدل على أن الذبح بالعظم كان معهودا عندهم إنه لا يجزي . وقررهم الشارع على ذلك ( وأما الظفر فمدى الحبشة ) أي وهم كفار ، وقد نهيتم عن التشبه بهم . قاله ابن الصلاح وتبعه النووي ، وقيل نهى عنهما لأن الذبح بهما تعذيب للحيوان ، ولا يقطع به غالبا إلا الخنق الذي هو على صورة الذبح ، واعترض على الأول بأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين ، وسائر ما يذبح به الكفار . وأجيب بأن الذبح بالسكين هو الأصل ، وأما ما يلحق بها ، فهو الذي يعتبر فيه التشبه . ومن ثم كانوا يسألون عن جواز الذبح بغير السكين . وروي عن الشافعي أنه قال : السن إنما يذكى بها إذا كانت متنوعة ، فأما وهي ثابتة فلو ذبح بها لكانت منخنقة . يعني فدل على عدم جواز التذكية بالسن المنتزعة ، بخلاف ما نقل عن الحنفية من جوازه بالسن المنفصلة . قال : وأما الظفر فلو كان المراد به ظفر الإنسان لقال فيه ما قال في السن . لكن الظاهر أنه أراد به الظفر الذي هو طيب من بلاد الحبشة وهو لا يقوى فيكون في معنى الخنق كذا في النيل .

                                                                                                          قلت : هو جسم صلب كالصدف أحد طرفيه رقيق محدد يقال له أظفار الطيب . قال في بحر الجواهر : أظفار الطيب أقطاع صدفية في مقدار الظفر طيب الرائحة ، يستعمل في العطر انتهى . قلت : ويكون أكبر من مقدار الظفر أيضا .

                                                                                                          قوله : ( لم يذكر ) أي والد سفيان ( فيه ) أي في حديثه ( عن عباية عن أبيه ) بل ذكر عن عباية عن رافع وترك ذكر أبيه والحديث أخرجه الجماعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية