الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2145 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال أنبأنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت وبالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر حدثنا محمود بن غيلان حدثنا النضر بن شميل عن شعبة نحوه إلا أنه قال ربعي عن رجل عن علي قال أبو عيسى حديث أبي داود عن شعبة عندي أصح من حديث النضر وهكذا روى غير واحد عن منصور عن ربعي عن علي حدثنا الجارود قال سمعت وكيعا يقول بلغنا أن ربعيا لم يكذب في الإسلام كذبة [ ص: 298 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 298 ] قوله : ( لا يؤمن عبد ) هذا نفي أصل الإيمان أي لا يعتبر ما عنده من التصديق القلبي ( حتى يؤمن بأربع يشهد ) منصوب على البدل من قوله : ( يؤمن ) وقيل مرفوع تفصيل لما سبقه ، أي يعلم ويتيقن ( أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ) أي يؤمن بالتوحيد والرسالة ، وعدل إلى لفظ الشهادة أمنا من الإلباس بأن يشهد ولم يؤمن أو دلالة على أن النطق بالشهادتين أيضا من جملة الأركان ، فكأنه قيل يشهد باللسان بعد تصديقه بالجنان ، أو إشارة إلى أن الحكم بالظواهر والله أعلم بالسرائر ، ( بعثني بالحق ) استئناف كأنه قيل لم يشهد ، فقال بعثني بالحق أي إلى كافة الإنس والجن ، ويجوز أن يكون حالا مؤكدة أو خبرا بعد خبر فيدخل على هذا في حيز الشهادة ، وقد حكى صلى الله عليه وسلم على القولين كلام المشاهد بالمعنى إذ عبارته أن محمدا وبعثه .

                                                                                                          ( ويؤمن بالموت ) بالوجهين ( ويؤمن بالبعث ) أي يؤمن بوقوع البعث ( بعد الموت ) تكرير الموت إيذان للاهتمام بشأنه ، ( ويؤمن ) بالوجهين ( بالقدر ) قال القاري نقلا عن المظهر : المراد بهذا الحديث نفي أصل الإيمان لا نفي الكمال ، فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأربعة لم يكن مؤمنا ، الأول : الإقرار بالشهادتين وأنه مبعوث إلى كافة الإنس والجن ، والثاني : أن يؤمن بالموت أي يعتقد فناء الدنيا وهو احتراز عن مذهب الدهرية القائلين بقدم العالم وبقائه أبدا ، قال القاري وفي معناه التناسخي ، ويحتمل أن يراد اعتقاد أن الموت يحصل بأمر الله لا بفساد المزاج كما يقوله الطبيعي ، والثالث : أن يؤمن بالبعث ، والرابع : أن يؤمن بالقدر يعني بأن جميع ما يجري في العالم بقضاء الله وقدره انتهى ، وحديث علي هذا رجاله رجال الصحيح ، وأخرجه أيضا أحمد وابن ماجه والحاكم .

                                                                                                          قوله : ( إلا أنه ) أي النضر بن شميل ( قال ربعي عن رجل عن علي ) أي زاد بين ربعي وعلي رجلا ( حديث أبي داود عن شعبة ) أي بلا زيادة رجل بين ربعي وعلي ( أصح من حديث النضر ) [ ص: 299 ] أي الذي فيه زيادة رجل ( وهكذا ) أي بلا زيادة رجل ( روى غير واحد ) أي من أصحاب منصور .

                                                                                                          قوله : ( بلغني أن ربعي ) بكسر المهملة وسكون الموحدة ( بن حراش ) بكسر المهملة وآخره معجمة العبسي الكوفي ، ثقة عابد مخضرم من الثانية ، مات سنة مائة ، وقيل غير ذلك ( لم يكذب في الإسلام كذبة ) قال العجلي : تابعي ثقة من خيار الناس لم يكذب كذبة قط .




                                                                                                          الخدمات العلمية