الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في القدرية

                                                                                                          2149 حدثنا واصل بن عبد الأعلى الكوفي حدثنا محمد بن فضيل عن القاسم بن حبيب وعلي بن نزار عن نزار عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر وابن عمر ورافع بن خديج وهذا حديث حسن غريب حدثنا محمد بن رافع حدثنا محمد بن بشر حدثنا سلام بن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد بن رافع وحدثنا محمد بن بشر حدثنا علي بن نزار عن نزار عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في القدرية ) بفتح القاف والدال .

                                                                                                          [ ص: 302 ] قوله : ( حدثنا واصل بن عبد الأعلى ) بن هلال الأسدي أبو القاسم أو أبو محمد الكوفي ثقة من العاشرة ( عن القاسم بن حبيب ) التمار الكوفي فيه لين من السادسة ( وعلي بن نزار ) بكسر نون وبزاي وراء ابن حيان بفتح حاء مهملة وشدة تحتية وبنون ، الأسدي الكوفي ضعيف من السادسة ( عن نزار ) هو ابن حيان الأسدي مولى بني هاشم ضعيف من السادسة .

                                                                                                          قوله : ( صنفان ) أي نوعان ( من أمتي ) أي أمة الإجابة ( ليس لهما في الإسلام نصيب ) قال التوربشتي : ربما يتمسك به من يكفر الفريقين والصواب أن لا يسارع إلى تكفير أهل البدع لأنهم بمنزلة الجاهل أو المجتهد المخطئ ؟ وهذا قول المحققين من علماء الأمة احتياطا ، فيحمل قوله : ليس لهما نصيب على سوء الحظ وقلة النصيب كما يقال ليس للبخيل من ماله نصيب ، وأما قوله عليه الصلاة والسلام : يكون في أمتي خسف وقوله ستة لعنتهم وأمثال ذلك فيحمل على المكذب به أي بالقدر إذا أتاه من البيان ما ينقطع به العذر أو على من تفضي به العصبية إلى تكذيب ما ورد فيه من النصوص أو إلى تكفير من خالفه ، وأمثال هذه الأحاديث واردة تغليظا وزجرا انتهى .

                                                                                                          وقال القاري : قال ابن حجر يعني المكي : فمن أطلق تكفير الفريقين أخذا بظاهر هذا الخبر فقد استروح بل الصواب عند الأكثرين من علماء السلف والخلف أنا لا نكفر أهل البدع والأهواء إلا إن أتوا بمكفر صريح لا استلزامي ; لأن الأصح أن لازم المذهب ليس بلازم ، ومن ثم لم يزل العلماء يعاملونهم معاملة المسلمين في نكاحهم وإنكاحهم والصلاة على موتاهم ودفنهم في مقابرهم ; لأنهم وإن كانوا مخطئين غير معذورين حقت عليهم كلمة الفسق والضلال ، إلا أنهم لم يقصدوا بما قالوه اختيار الكفر ، وإنما بذلوا وسعهم في إصابة الحق فلم يحصل لهم ، لكن لتقصيرهم بتحكيم عقولهم وأهويتهم وإعراضهم عن صريح السنة والآيات من تأويل سائغ ، وبهذا فارقوا مجتهدي الفروع فإن خطأهم إنما هو لعذرهم بقيام دليل آخر عندهم مقاوم لدليل غيرهم من جنسه ، فلم يقصروا ، ومن ثم أثيبوا على اجتهادهم ، انتهى كلام القاري .

                                                                                                          ( المرجئة ) يهمز ولا يهمز من الإرجاء مهموزا ومعتلا وهو التأخير ، يقولون الأفعال كلها بتقدير الله تعالى ، وليس للعباد فيها اختيار وإنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، كذا قاله ابن الملك ، وقال الطيبي : قيل هم الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل فيؤخرون العمل عن القول ، وهذا غلط ، بل الحق أن المرجئة هم الجبرية القائلون بأن إضافة الفعل إلى العبد كإضافته إلى الجمادات ، سموا بذلك لأنهم [ ص: 303 ] يؤخرون أمر الله ونهيه عن الاعتداد بهما ويرتكبون الكبائر ، فهم على الإفراط والقدرية على التفريط والحق ما بينهما انتهى ، ( والقدرية ) بفتح الدال وتسكن وهم المنكرون للقدر ، القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة بقدرتهم ودواعيهم لا بقدرة الله وإرادته ، إنما نسبت هذه الطائفة إلى القدر لأنهم يبحثون في القدر كثيرا ، قوله : ( وفي الباب عن عمر وابن عمر ورافع بن خديج ) ، أما حديث عمر رضي الله عنه فأخرجه أبو داود بلفظ : لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم ، وأخرجه أيضا أحمد والحاكم ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي بعد بابين ، وأما حديث رافع بن خديج فلينظر من أخرجه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه ابن ماجه والبخاري في التاريخ وفي سنده علي بن نزار وأبوه نزار وهما ضعيفان كما عرفت ، وقد ذكر صاحب المشكاة هذا الحديث وقال في آخره رواه الترمذي ، وقال غريب ولم يذكر لفظ حسن فظهر أن نسخ الترمذي مختلفة في ذكر لفظ حسن ، وقال القاري في المرقاة : عده في الخلاصة من الموضوعات لكن قال في جامع الأصول أخرجه الترمذي قال صاحب الأزهار حسن غريب وكتب مولانا زاده وهو من أهل الحديث في زماننا إنه رواه الطبراني وإسناده حسن ، ونقل عن بعضهم أيضا أن رواته مجهولون ، كذا ذكره العيني ، وقال الفيروزابادي : لا يصح في ذم المرجئة والقدرية حديث .

                                                                                                          وفي الجامع الصغير بعد ذكره الحديث المذكور رواه البخاري في تاريخه والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس ، وابن ماجه عن جابر والخطيب عن ابن عمر والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد ، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أنس ولفظه : صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي يوم القيامة المرجئة والقدرية انتهى ما في المرقاة .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا محمد بن بشر ) العبدي أبو عبد الله الكوفي ، ثقة حافظ من التاسعة ( حدثنا سلام بن أبي عمرة ) بتشديد اللام الخراساني أبو علي ، ضعيف من السادسة ، قال في تهذيب [ ص: 304 ] التهذيب : له في الترمذي حديث واحد في المرجئة والقدرية ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المقلوبات لا يجوز الاحتجاج بخبره ، قال الأزدي : واهي الحديث .




                                                                                                          الخدمات العلمية