الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          2435 حدثنا العباس العنبري حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وفي الباب عن جابر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( شفاعتي ) قال المناوي في التيسير : الإضافة بمعنى " ال " العهدية ، أي الشفاعة التي وعدني الله بها ادخرتها ( لأهل الكبائر من أمتي ) أي لوضع السيئات والعفو عن الكبائر . وأما الشفاعة لرفع الدرجات فلكل من الأتقياء والأولياء وذلك متفق عليه بين أهل الملة . وقال [ ص: 108 ] الطيبي -رحمه الله- : أي شفاعتي التي تنجي الهالكين مختصة بأهل الكبائر . قال النووي في شرح مسلم قال القاضي عياض : مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلا ووجوبها سمعا بصريح قوله تعالى : يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا . وقوله تعالى : لا يشفعون إلا لمن ارتضى وأمثالهما . وبخبر الصادق -صلى الله عليه وسلم- وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها ، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها وتعلقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار ، واحتجوا بقوله تعالى : فما تنفعهم شفاعة الشافعين وبقوله تعالى : ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع . وهذه الآيات في الكفار وأما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل وألفاظ الأحاديث صريحة في بطلان مذهبهم وإخراج من استوجب النار لكن الشفاعة خمسة أقسام :

                                                                                                          [ أولها ] : مختصة بنبينا -صلى الله عليه وسلم- ; وهي الإراحة من هول الموقف وتعجيل الحساب .

                                                                                                          [ الثانية ] : في إدخال قوم الجنة بغير حساب ، وهذه أيضا وردت لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وقد ذكرها مسلم .

                                                                                                          [ الثالثة ] : الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومن يشاء الله تعالى .

                                                                                                          [ الرابعة ] : في من دخل النار من المذنبين ، فقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- والملائكة وإخوانهم من المؤمنين ثم يخرج الله تعالى كل من قال لا إله إلا الله كما جاء في الحديث : لا يبقى فيها إلا الكافرون .

                                                                                                          [ الخامسة ] : الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر ) أخرجه الترمذي في هذا الباب .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح إلخ ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم .




                                                                                                          الخدمات العلمية