الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2446 حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس كوفي حدثنا عبثر بن القاسم حدثنا حصين هو ابن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم جعل يمر بالنبي والنبيين ومعهم القوم والنبي والنبيين ومعهم الرهط والنبي والنبيين وليس معهم أحد حتى مر بسواد عظيم فقلت من هذا قيل موسى وقومه ولكن ارفع رأسك فانظر قال فإذا سواد عظيم قد سد الأفق من ذا الجانب ومن ذا الجانب فقيل هؤلاء أمتك وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فدخل ولم يسألوه ولم يفسر لهم فقالوا نحن هم وقال قائلون هم أبناؤنا الذين ولدوا على الفطرة والإسلام فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال أنا منهم يا رسول الله قال نعم ثم قام آخر فقال أنا منهم فقال سبقك بها عكاشة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة [ ص: 118 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 118 ] قوله : ( حدثنا أبو حصين ) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين ( عبد الله بن أحمد بن يونس ) اليربوعي الكوفي ثقة من الحادية عشرة .

                                                                                                          قوله : ( ومعهم الرهط ) أي الجماعة ( حتى مروا بسواد عظيم ) أي أشخاص كثيرين . قال في القاموس : السواد الشخص والمال الكثير ومن البلدة قراها والعدد الكثير ومن الناس عامتهم ( قد سد الأفق ) أي ستر طرف السماء بكثرته ( من ذا الجانب ومن ذا الجانب ) أي من اليمين والشمال ( وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا ) وفي رواية الشيخين ومع هؤلاء سبعون ألفا قدامهم قال النووي -رحمه الله- : يحتمل هذا أن يكون معناه وسبعون ألفا من أمتك وغير هؤلاء ، وأن يكون معناه في جملتهم سبعون ألفا ويؤيد هذا رواية البخاري : هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا ، انتهى . قلت : الاحتمال الأول هو الظاهر لأن رواية الترمذي هذه صريحة في ذلك ( فدخل ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض حجرات أزواجه ( ولم يسألوه ) أي عن هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ( ولم يفسر ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- ( لهم ) أي من هم ( فقالوا نحن هم ) وفي رواية للبخاري : وقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم ( وقال قائلون هم أبناء الذين ولدوا على الفطرة [ ص: 119 ] والإسلام ) وفي رواية للبخاري : وأولادنا الذين ولدوا في الإسلام فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فخرج ( فقام عكاشة ) بضم العين وتشديد الكاف وتخفيف على ما في القاموس والمغني ( ابن محصن ) بكسر ميم وفتح صاد ( فقال أنا منهم يا رسول الله قال نعم ) وفي رواية للبخاري : أمنهم أنا يا رسول الله ؟ قال ( نعم ) .

                                                                                                          وفي رواية أخرى له : فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال : اللهم اجعله منهم . قال الحافظ : ويجمع بأنه سأل الدعاء أولا فدعا له ثم استفهم قيل أجبت ، انتهى . ( ثم جاءه آخر ) وفي حديث أبي هريرة عند البخاري : ثم قام رجل من الأنصار ( فقال سبقك بها ) أي بهذه المسألة . قال ابن بطال : معنى قوله سبقك أي إلى إحراز هذه الصفات وهي التوكل وعدم التطير وما ذكر معه وعدل عن قوله : لست منهم أو لست على أخلاقهم تلطفا بأصحابه وحسن أدبه معهم ، وقال ابن الجوزي : يظهر لي أن الأول سأل عن صدق قلب فأجيب ، وأما الثاني فيحتمل أن يكون أريد به حسم المادة فلو قال الثاني نعم لأوشك أن يقوم ثالث ورابع إلى ما لا نهاية له ، وليس كل الناس يصلح لذلك .

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح : وهذا أولى من قول من قال كان منافقا لوجهين أحدهما أن الأصل في الصحابة عدم النفاق فلا يثبت ما يخالف ذلك إلا بنقل صحيح . والثاني أنه قل أن يصدر مثل هذا السؤال إلا عن قصد صحيح ويقين بتصديق الرسول . وكيف يصدر ذلك من منافق وإلى هذا جنح ابن تيمية وصحح النووي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم بالوحي أنه يجاب في عكاشة ولم يقع ذلك في حق الآخر . وقال السهيلي : الذي عندي في هذا أنها كانت ساعة إجابة علمها -صلى الله عليه وسلم- ، واتفق أن الرجل قال بعدما انقضت ، ويبينه ما وقع في حديث أبي سعيد ثم جلسوا ساعة يتحدثون . وفي رواية ابن إسحاق بعد قوله : ( سبقك بها عكاشة ) " وبردت الدعوة " أي انقضى وقتها ، انتهى ما في الفتح .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة ) أما حديث ابن مسعود فأخرجه أحمد وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية