الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2472 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا روح بن أسلم أبو حاتم البصري حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أخفت في الله وما يخاف أحد ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم هاربا من مكة ومعه بلال إنما كان مع بلال من الطعام ما يحمله تحت إبطه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الدارمي صاحب المسند .

                                                                                                          [ ص: 144 ] قوله : ( لقد أخفت ) بصيغة الماضي المجهول من الإخافة أي هددت وتوعدت بالتعذيب والقتل ( في الله ) أي في إظهار دينه ( وما يخاف ) بصيغة المجهول أي مثل ما أخفت ( أحد ) أي غيري ( ولقد أوذيت ) بصيغة الماضي المجهول من الإيذاء ، أي بالفعل بعد التخويف بالقول ( في الله ) أي في إظهار دينه وإعلاء كلمته ( ولم يؤذ ) بالبناء للمجهول ( أحد ) أي من الناس في ذلك الزمان ( ولقد أتت ) أي مضت ( ثلاثون من بين يوم وليلة ) قال الطيبي : تأكيد للشمول أي ثلاثين يوما وليلة متواترات لا ينقص منها شيء من الزمان ( وما لي ) أي والحال أنه ليس لي ( يأكله ذو كبد ) بفتح فكسر أي حيوان ( إلا شيء ) أي قليل ( يواريه ) أي يستره ويغطيه ( إبط بلال ) بكسر الهمزة وسكون الموحدة وتكسر وهو ما تحت المنكب . والمعنى أن بلالا كان رفيقي في ذلك الوقت وما كان لنا من الطعام إلا شيء قليل بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه . وقد تقدم الكلام في الجمع بين الروايات المختلفة في ضيق معيشة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وسعتها في باب معيشة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهله .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه ابن ماجه وابن حبان كذا في الجامع الصغير . قال المناوي بإسناد صحيح .

                                                                                                          قوله : ( ومعنى هذا الحديث حين خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- هاربا من مكة ومعه بلال إلخ ) قال في اللمعات : قوله ومعه بلال ، أفاد أن هذا الخروج غير الهجرة إلى المدينة ؛ لأنه لم يكن معه بلال فيها ، فلعل المراد خروجه -صلى الله عليه وسلم- هاربا من مكة في ابتداء أمره إلى الطائف إلى عبد كلال بضم الكاف مخففا رئيس أهل الطائف ؛ ليحميه من كفار مكة حتى يؤدي رسالة ربه فسلط على النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيانه فرموه بالحجارة حتى أدموا كعبيه -صلى الله عليه وسلم- ، وكان معه زيد بن حارثة لا بلال ، انتهى .

                                                                                                          وكذا قال القاري في المرقاة وقال . وقول الترمذي : ومعه بلال لا [ ص: 145 ] ينافي كون زيد بن حارثة معه أيضا ، مع احتمال تعدد خروجه عليه الصلاة والسلام ، لكن أفاد بقوله " معه بلال " أنه لم يكن هذا الخروج في الهجرة من مكة إلى المدينة لأنه لم يكن معه بلال حينئذ انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية