الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2613 حدثنا أبو عبد الله هريم بن مسعر الأزدي الترمذي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فوعظهم ثم قال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن ولم ذاك يا رسول الله قال لكثرة لعنكن يعني وكفركن العشير قال وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب وذوي الرأي منكن قالت امرأة منهن وما نقصان دينها وعقلها قال شهادة امرأتين منكن بشهادة رجل ونقصان دينكن الحيضة تمكث إحداكن الثلاث والأربع لا تصلي وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا أبو عبد الله بن هريم ) بضم الهاء وفتح الراء مصغرا ( بن مسعر ) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين ( الأزدي الترمذي ) مقبول من العاشرة .

                                                                                                          [ ص: 300 ] قوله : ( خطب الناس ) وفي حديث أبي سعيد عند الشيخين خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى ، فمر على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن إلخ ( ثم قال يا معشر ) النساء أي جماعتهن والخطاب عام غلبت الحاضرات على الغيب قال أهل اللغة : المعشر هم الجماعة الذين أمرهم واحد ، أي مشتركون ، وهو اسم يتناولهم كالإنس معشر والجن معشر ، والأنبياء معشر والنساء معشر ، ونحو ذلك وجمعه معاشر ( تصدقن ) أمر لهن أي أعطين الصدقة ( ولم ذاك ) أصله " لما " حذفت ألف " ما " الاستفهامية بدخول حرف الجر عليها تخفيفا واللام متعلقة بمقدر بعدها ، والواو إما للعطف على مقدر قبله ، والتقدير فقالت : كيف يكون ذاك ولأي شيء نكون أكثر أهل النار ، أو زائدة ليدل على أنه متصل بما قبله لا سؤال مستقل بنفسه منقطع عما قبله ( لكثرة لعنكن ) اللعن هو الدعاء بالإبعاد من رحمة الله تعالى ( يعني : وكفركن العشير ) هذا وقول بعض الرواة ، وفي حديث أبي سعيد : تكثرن اللعن وتكفرن العشير .

                                                                                                          قال النووي : العشير بفتح العين وكسر الشين وهو في الأصل المعاشر مطلقا والمراد هنا الزوج ، انتهى . وكفران العشير جحد نعمته وإنكارها أو سترها بترك شكرها ، واستعمال الكفران في النعمة والكفر في الدين أكثر ( من ناقصات عقل ودين ) صفة موصوف محذوف أي ما رأيت أحدا من ناقصات ( أغلب لذوي الألباب ) أي لذوي العقول والألباب جمع اللب ، وهو العقل الخالص من شوب الهوى ، وفيه مبالغة لأنه إذا كان ذو اللب والرأي مغلوبا فغيره أولى ( منكن ) متعلق بأغلب ( وما نقصان عقلها ودينها ) كأنه خفي عليها ذلك حتى سألت عنه ( قال شهادة امرأتين منكن بشهادة رجل ) في حديث أبي سعيد : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قال الحافظ : أشار بقوله مثل نصف شهادة الرجل إلى قوله تعالى : فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء لأن الاستظهار بأخرى مؤذن بقلة ضبطها وهو مشعر بنقص عقلها ( ونقصان دينكن الحيضة ) بفتح الحاء ، ( تمكث إحداكن الثلاث والأربع ) أي ثلاث ليال مع أيامها وأربع ليال مع أيامها ( لا تصلي ) أي ولا تصوم وفي حديث أبي سعيد : أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال : [ ص: 301 ] فذلك من نقصان دينها . قال النووي : وأما وصفه -صلى الله عليه وسلم- النساء بنقصان الدين لتركهن الصلاة والصوم في زمن الحيض فقد يستشكل معناه وليس بمشكل بل هو ظاهر ، فإن الدين والإيمان والإسلام مشتركة في معنى واحد كما قدمنا في مواضع . وقد قدمنا أيضا في مواضع أن الطاعات تسمى إيمانا ودينا . وإذا أثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه ، ومن نقصت عبادته نقص دينه انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر ) أما حديث أبي سعيد فقد تقدم تخريجه آنفا . وأما حديث ابن عمر ، فأخرجه مسلم نحو حديث أبي سعيد وأبي هريرة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية