الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2653 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد الأنصاري كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا فقال ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم قال جبير فلقيت عبادة بن الصامت قلت ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء قال صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيه رجلا خاشعا قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ومعاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان وقد روي عن معاوية بن صالح نحو هذا وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( فشخص ببصره ) أي رفعه ( هذا أوان ) أي وقت ( يختلس العلم من الناس ) أي [ ص: 345 ] يختطف ويسلب علم الوحي منهم والجملة صفة أوان ( حتى لا يقدروا منه ) أي من العلم ( على شيء ) أي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاله ابن الملك . قاله القاري : والأظهر على شيء من العلم قال الطيبي : فكأنه -عليه الصلاة والسلام- لما نظر إلى السماء كوشف باقتراب أجله فأخبر بذلك ( فقال زياد بن لبيد الأنصاري ) الخزرجي خرج إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة فأقام معه حتى هاجر ، فكان يقال له مهاجري أنصاري ( وقد قرأنا القرآن فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ) يعني والحال أن القرآن مستمر بين الناس إلى يوم القيامة كما يدل عليه قوله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( قال ثكلتك أمك ) أي فقدتك ، وأصله الدعاء بالموت ثم يستعمل في التعجب ( إن كنت ) إن مخففة من الثقيلة بدليل اللام الآتية الفارقة واسمها ضمير الشأن محذوف ، أي أن الشأن كنت أنا ( لأعدك ) وفي رواية لأراك ( فماذا تغني عنهم ) أي فماذا تنفعهم وتفيدهم ، وفي حديث زياد بن لبيد عند ابن ماجه " أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما " . قال القاري : أي فكما لم تفدهم قراءتهما مع عدم العلم بما فيهما فكذلك أنتم ، والجملة حال من " يقرءون " أي يقرءون غير عاملين ، نزل العالم الذي لا يعمل بعلمه منزلة الجاهل بل منزلة الحمار الذي يحمل أسفارا بل أولئك كالأنعام بل هم أضل ( الخشوع ) قال في المجمع : الخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن .




                                                                                                          الخدمات العلمية