الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2729 حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا همام عن قتادة قال قلت لأنس بن مالك هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( قلت لأنس بن مالك : هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : نعم ) فيه مشروعية المصافحة قال ابن بطال المصافحة حسنة عند عامة العلماء وقد استحبها مالك بعد كراهته . وقال النووي : المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي . قال الحافظ : ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن ، انتهى .

                                                                                                          تنبيه : قال النووي في الأذكار : اعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ، ولكن لا بأس به ، فإن أصل المصافحة سنة ، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال ، وفرطوا فيها [ ص: 427 ] في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها . وقد ذكر الإمام أبو محمد بن عبد السلام أن البدع على خمسة أقسام واجبة ومحرمة ومكروهة ومستحبة ومباحة قال ومن أمثلة البدع المباحة المصافحة عقب الصبح والعصر ، انتهى .

                                                                                                          قال الحافظ بعد ذكر كلام النووي هذا ما لفظه : وللنظر فيه مجال فإن أصل صلاة النافلة سنة مرغب فيها ومع ذلك فقد كره المحققون تخصيص وقت بها دون وقت ، ومنهم من أطلق مثل ذلك كصلاة الرغائب التي لا أصل لها ، انتهى . وقال القاري بعد ذكر كلام النووي : ولا يخفى أن في كلام الإمام نوع تناقض لأن إتيان السنة في بعض الأوقات لا يسمى بدعة ، مع أن عمل الناس في الوقتين المذكورين ليس على وجه الاستحباب المشروع ، فإن محل المصافحة المشروعة أول الملاقاة وقد يكون جماعة يتلاقون من غير مصافحة ويتصاحبون بالكلام ومذاكرة العلم وغير مدة مديدة ثم إذا صلوا يتصافحون ، فأين هذا من السنة المشروعة ، ولهذا صرح بعض علمائنا بأنها مكروهة حينئذ وأنها من البدع المذمومة انتهى .

                                                                                                          قلت : الأمر كما قال القاري والحافظ . وقال صاحب عون المعبود : وتقسيم البدع إلى خمسة أقسام كما ذهب إليه ابن عبد السلام وتبعه النووي أنكر عليه جماعة من العلماء المحققين ومن آخرهم شيخنا القاضي العلامة بشير الدين القنوجي فإنه رد عليه ردا بليغا قال : وكذا المصافحة والمعانقة بعد صلاة العيدين من البدع المذمومة المخالفة للشرع انتهى . قلت : وقد أنكر القاضي الشوكاني أيضا على تقسيم البدعة إلى الأقسام الخمسة في نيل الأوطار في باب الصلاة في ثوب الحرير والقصب ، وأنكر عليه أيضا صاحب الدين الخالص ورده بستة وجوه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري .




                                                                                                          الخدمات العلمية