الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2867 حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن حدثوني ما هي قال عبد الله فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة فاستحييت أن أقول قال عبد الله فحدثت عمر بالذي وقع في نفسي فقال لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه [ ص: 135 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 135 ] قوله : ( حدثنا إسحاق بن موسى ) الأنصاري ( أخبرنا معن ) هو ابن عيسى القزاز ( أخبرنا مالك ) إمام دار الهجرة .

                                                                                                          قوله : ( إن من الشجر شجرة ) زاد في رواية مجاهد عند البخاري في باب الفهم في العلم : قال صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال كنا عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتي بجمار فقال ( إن من الشجر ) وله عنه في البيوع : كنت عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يأكل جمارا . " لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن " بكسر الميم وسكون المثلثة أو بفتح الميم والمثلثة وهما بمعنى ، قال الجوهري مثله ومثله كلمة تسوية كما يقال شبهه وشبهه بمعنى ، قال والمثل بالتحريك أيضا ما يضرب من الأمثال . انتهى . ووجه الشبه بين النخلة والمؤمن من جهة عدم سقوط الورق ما رواه الحارث بن أسامة في هذا الحديث من وجه آخر عن ابن عمر ولفظه : قال كنا عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم فقال : إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أنملة أتدرون ما هي ؟ قالوا لا . قال : هي النخلة لا تسقط لها أنملة ولا تسقط لمؤمن دعوة ووقع عند البخاري في الأطعمة من طريق الأعمش قال حدثني مجاهد عن ابن عمر قال : بينا نحن عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ أتي بجمار فقال : إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم وهذا أعم من الذي قبله ، وبركة النخل موجودة في جميع أجزائها مستمرة في جميع أحوالها ، فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعا ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى ، وكذلك بركة المؤمن عامة في جميع الأحوال ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته ( حدثوني ) أي أخبروني ( فوقع الناس ) أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة يقال وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها ( ووقع في نفسي ) بين أبو عوانة في صحيحه من طريق مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك قال فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أتي به ، وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال ، وأن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز بابا يدخل منه بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه ( فاستحييت ) وفي رواية البخاري في باب الفهم في العلم [ ص: 136 ] فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم ( أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا ) زاد ابن حبان في صحيحه : أحسبه قال حمر النعم وفي هذا الحديث امتحان العالم أذهان الطلبة بما لا يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهموه ، وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أنه نهى عن الأغلوطات . قال الأوزاعي أحد رواته هي صعاب المسائل فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول أو تعجيزه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة ) قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام الترمذي هذا ما لفظه : أشار بذلك إلى حديث مختصر لأبي هريرة أورده عبد بن حميد في تفسير لفظه : مثل المؤمن مثل النخلة .




                                                                                                          الخدمات العلمية