الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3041 حدثنا عبد بن حميد حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك بن مغول عن أبي السفر عن البراء قال آخر آية أنزلت أو آخر شيء نزل يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة قال أبو عيسى هذا حديث حسن وأبو السفر اسمه سعيد بن أحمد الثوري ويقال ابن يحمد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( قال آخر آية أنزلت أو آخر شيء أنزل ) الشك من الراوي يستفتونك أي عن مواريث الكلالة وحذف لدلالة السياق عليه في قوله تعالى قل الله يفتيكم في الكلالة . تقدم تفسير الكلالة وما فيه من الاختلاف في باب ميراث الأخوات من أبواب الفرائض . والآية بتمامها مع تفسيرها هكذا يستفتونك أي يسألونك عن ميراث الكلالة يا محمد ، قل الله يفتيكم يعني أن الله يخبركم عما سألتم عنه ، إن امرؤ مرفوع بفعل يفسره هلك أي مات ليس له ولد أي ولا والد وهو الكلالة .

                                                                                                          قال الحافظ ابن كثير : تمسك به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتفاء الوالد بل يكفي وجود الكلالة انتفاء الولد وهو رواية عن عمر بن الخطاب رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه ، ولكن الذي يرجع إليه قول الجمهور وقضى الصديق أنه الذي لا ولد له ولا والد ، ويدل على ذلك قوله : وله أخت فلها نصف ما ترك ولو كان معها أب لم ترث شيئا لأنه يحجبها بالإجماع ، فدل على أنه من لا ولد له بنص القرآن ، ولا والد بالنص عند التأمل أيضا لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية . وقد نقل ابن جرير وغيره عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتا وأختا أنه لا شيء للأخت لقوله : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك . قال فإذا ترك بنتا وقد ترك ولدا فلا شيء للأخت ، وخالفه الجمهور فقالوا في هذه المسألة للبنت النصف بالفرض وللأخت النصف الآخر بالنصيب ، بدليل غير هذه الآية ، وله أخت أي لأب وأم أو لأب ، فلها نصف ما ترك أي الميت ، وهو ) أي الأخ لأب وأم أو لأب ، يرثها أي يرث جميع تركة الأخت ، إن لم يكن لها ولد أي ذكر ، يعني أن الأخت إذا ماتت وتركت أخا من الأب والأم أو من الأب فإنه يستغرق جميع ميراث الأخت إذا انفرد ولم يكن للأخت ولد ، فإن كان لها ولد ذكر فلا شيء له أو أنثى فله ما [ ص: 322 ] فضل عن نصيبها ، ولو كانت الأخت أو الأخ من أم ففرضه السدس ، فإن كانتا أي الأختان اثنتين أي فصاعدا فلهما الثلثان مما ترك أي الأخ وإن كانوا أي الورثة إخوة رجالا ونساء أي ذكورا ونساء فللذكر منهم ، مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم شرائع دينكم أن تضلوا أي مخافة أن تضلوا والله بكل شيء عليم ومنه الميراث .

                                                                                                          تنبيه : حديث البراء المذكور يدل على أن آخر آية نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم إلخ ، وروى البخاري عن ابن عباس قال : آخر آية نزلت على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آية الربا ، ويجمع بينهما بأن الآخرية في حديث البراء مقيدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف حديث ابن عباس ويحتمل عكسه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

                                                                                                          قوله : ( ويقال ابن يحمد ) بضم التحتية وكسر الميم .




                                                                                                          الخدمات العلمية