الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3049 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا إسرائيل حدثنا أبو إسحق عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة عن عمر بن الخطاب أنه قال اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في البقرة يسألونك عن الخمر والميسر الآية فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في النساء يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فدعي عمر فقرئت عليه ثم قال اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في المائدة إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر إلى قوله فهل أنتم منتهون فدعي عمر فقرئت عليه فقال انتهينا انتهينا قال أبو عيسى وقد روي عن إسرائيل هذا الحديث مرسل حدثنا محمد بن العلاء حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن عمر بن الخطاب قال اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فذكر نحوه وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا محمد بن يوسف ) هو الضبي الفريابي ، ( أخبرنا أبو إسحاق ) هو السبيعي ( عن [ ص: 330 ] عمر بن شرحبيل ) الهمداني أبي ميسرة الكوفي ثقة عابد مخضرم .

                                                                                                          قوله : ( بيان شفاء ) بالإضافة أي بيانا شافيا يسألونك عن الخمر والميسر أي القمار يعني ما حكمهما قل لهم فيهما أي في تعاطيهما إثم كبير أي عظيم لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش الآية ، أي ومنافع للناس باللذة والفرح في الخمر وإصابة المال بلا كد في الميسر وإثمهما أي ما ينشأ عنهما من المفاسد أكبر أعظم من نفعهما لأن أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيهما الآثام من وجوه كثيرة ( فقرئت عليه ) أي الآية المذكورة إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر وبعده ويصدكم : عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ( فقال ) أي عمر ( انتهينا انتهينا ) أي عن إتيانهما أو عن طلب البيان الشافي والظاهر هو الأول . وفي رواية أبي داود فنزلت هذه الآية فهل أنتم منتهون .

                                                                                                          قال الطيبي : فنزلت هذه الآية يعني قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآيتين وفيهما دلائل سبعة على تحريم الخمر : أحدها قوله رجس والرجس هو النجس وكل نجس حرام ، والثاني قوله من عمل الشيطان وما هو من عمله حرام . والثالث : قوله فاجتنبوه وما أمر الله تعالى باجتنابه فهو حرام . والرابع : قوله لعلكم تفلحون وما علق رجاء الفلاح باجتنابه فالإتيان به حرام . والخامس قوله : يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر وما هو سبب وقوع العداوة والبغضاء بين المسلمين فهو حرام . والسادس قوله ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وما يصد به الشيطان عن ذكر الله وعن الصلاة فهو حرام . والسابع قوله : فهل أنتم منتهون معناه انتهوا ، وما أمر الله عباده بالانتهاء عنه فالإتيان به حرام . انتهى .

                                                                                                          [ ص: 331 ] قوله : ( وقد روي عن إسرائيل مرسلا ) أي روي عنه عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل بلفظ : إن عمر بن الخطاب قال اللهم إلخ ، كما بينه الترمذي بعد هذا .

                                                                                                          ( حدثنا محمد بن العلاء ) كنيته أبو كريب وهو مشهور بها ( عن أبي ميسرة ) هو كنية عمرو بن شرحبيل المذكور في الإسناد المتقدم ( وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف ) أي حديث وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل بلفظ " إن عمر بن الخطاب قال " أصح من حديث محمد بن يونس عن أبي إسحاق عن عمر ، وبلفظ عن عمر بن الخطاب أنه قال ; لأن وكيعا أحفظ من محمد بن يوسف .

                                                                                                          قلت : فيه أن محمد بن يوسف لم ينفرد بلفظ " عن عمر " بل قد تابعه على هذا اللفظ إسماعيل بن جعفر عند أبي داود وخلف بن الوليد عند أحمد . وحديث عمر هذا أخرجه أيضا أحمد وأبو داود والنسائي . وقال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث : صححه علي بن المديني والترمذي وكذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية