الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3085 حدثنا عبد بن حميد أخبرني معاوية بن عمرو عن زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لم تحل الغنائم لأحد سود الرءوس من قبلكم كانت تنزل نار من السماء فتأكلها قال سليمان الأعمش فمن يقول هذا إلا أبو هريرة الآن فلما كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل أن تحل لهم فأنزل الله تعالى لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرني معاوية بن عمرو ) بن المهلب . ابن عمرو الأزدي المعني بفتح الميم وسكون المهملة وكسر النون ، أبو عمرو البغدادي ويعرف بابن الكرماني ثقة من صغار التاسعة ( عن زائدة ) هو ابن قدامة .

                                                                                                          قوله : ( لأحد سود الرءوس ) بإضافة أحد إلى سود ، والمراد بسود الرءوس بنو آدم لأن رءوسهم سود ( قال سليمان الأعمش : فمن يقول هذا إلا أبو هريرة الآن ) لم يظهر لي أن الأعمش ما أراد بقوله فمن يقول هذا إلخ ، اللهم إلا أن يقال إن مراده به أنه لا يقول أحد الآن في هذا الحديث لفظ سود الرءوس إلا أبو هريرة ، يعني لم يرد هذا اللفظ إلا في حديثه ، ولكن يخدشه لفظ الآن ، فليتأمل لولا كتاب من الله سبق بإحلال الغنائم والأسرى لكم لمسكم أي لنالكم وأصابكم فيما أخذتم من الفداء . وروى الشيخان عن أبي هريرة : غزا نبي من الأنبياء الحديث ، وفي آخره : ثم أحل الله لنا الغنائم ، ثم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا . قال الحافظ في الفتح : وفيه اختصاص هذه الأمة بحل الغنيمة وكان ابتداء ذلك من غزوة بدر ، وفيها نزل قوله تعالى : فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا فأحل الله لهم الغنيمة .

                                                                                                          وقد ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن عباس ، وقد قدمت في أوائل فرض الخمس ، أن أول غنيمة خمست غنيمة السرية التي خرج فيها عبد الله بن جحش ، وذلك قبل بدر بشهرين ، ويمكن الجمع بما ذكر ابن سعد أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخر غنيمة تلك السرية حتى رجع من بدر فقسمها مع غنائم [ ص: 378 ] بدر . وفيه أن من مضى كانوا يغزون ويأخذون أموال أعدائهم وأسلابهم لكن لا يتصرفون فيها بل يجمعونها وعلامة قبول غزوهم ذلك أن تنزل النار من السماء فتأكلها ، وعلامة عدم قبوله أن لا تنزل . ومن أسباب عدم القبول أن يقع فيهم الغلول ، وقد من الله على هذه الأمة ورحمها لشرف نبيها عنده فأحل لهم الغنيمة وستر عليهم الغلول ، فطوى عنهم فضيحة أمر عدم القبول ، فلله الحمد على نعمه تترى ، ودخل في عموم أكل النار الغنيمة السبي وفيه بعد ; لأن مقتضاه إهلاك الذرية ومن لم يقاتل من النساء ، ويمكن أن يستثنوا من ذلك ويلزم استثناؤهم من تحريم الغنائم عليهم ، ويؤيده أنهم كانت لهم عبيد وإماء فلو لم يجز لهم السبي لما كان لهم أرقاء ، ويشكل على الحظر أنه كان السارق يسترق كما في قصة يوسف ولم أر من صرح بذلك . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية