الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل

                                                                                                          330 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث فقال رجل من حضرموت وما الحدث يا أبا هريرة قال فساء أو ضراط قال وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأنس وعبد الله بن مسعود وسهل بن سعد قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح [ ص: 245 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 245 ] ( باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل )

                                                                                                          قوله : ( عن همام بن منبه ) بضم الميم وفتح النون وكسر الموحدة المشددة ابن كامل الصنعاني ، وهو أخو وهب بن منبه ثقة من الرابعة .

                                                                                                          قوله : ( لا يزال أحدكم في صلاة ) أي في ثواب صلاة لا في حكمها ؛ لأنه يحل له الكلام وغيره مما منع في الصلاة . ولا تزال الملائكة تصلي " أي تستغفر ، والمراد بالملائكة الحفظة أو السيارة أو أعم من ذلك ( ما دام في المسجد ) وفي رواية للبخاري ما دام في مصلاه الذي صلى فيه . ومفهومه أنه إذا انصرف عنه انقضى ذلك ، ويمكن أن يحمل قوله في مصلاه على المكان المعد للصلاة لا الموضع الخاص بالسجود ، فلا يكون بين هذه الرواية وبين حديث الباب تخالف اللهم اغفر له اللهم ارحمه بيان لقوله تصلي أي تقول اللهم اغفر له إلخ ، والفرق بين المغفرة والرحمة أن المغفرة ستر الذنوب ، والرحمة إفاضة الإحسان إليه " ما لم يحدث " من الإحداث أي ما لم يبطل وضوءه ( وما الحدث يا أبا هريرة ) لعل سبب الاستفسار إطلاق الحديث عندهم على غير ما ذكر أو ظنوا أن الإحداث بمعنى الابتداع ( فقال فساء أو ضراط ) الصوت الخارج من الدبر إن كان بلا صوت فهو الفساء بضم الفاء والمد وإن كان بالصوت فهو الضراط بضم الضاد . قال السفاقسي : الحدث في المسجد خطيئة يحرم به المحدث استغفار الملائكة : ولما لم يكن للحدث فيه كفارة ترفع أذاه كما يرفع الدفن أذى النخامة فيه عوقب بحرمان الاستغفار من الملائكة لما آذاهم به من الرائحة الخبيثة ، وقال ابن بطال : من أراد أن تحط عنه ذنوبه من غير تعب فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له ، فهو مرجو إجابته لقوله تعالى : لا يشفعون إلا لمن ارتضى وفي [ ص: 246 ] الحديث بيان فضيلة من انتظر الصلاة مطلقا سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد أو تحول إلى غيره ، كذا في عمدة القاري .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأنس وعبد الله بن مسعود وسهل بن سعد ) أما حديث علي فأخرجه أبو يعلى والبزار . قال المنذري بإسناد صحيح . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إسباغ الوضوء في المكاره ، وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا وأخرجه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم .

                                                                                                          وأما حديث أبي سعيد فأخرجه ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه والدارمي في مسنده وفيه : وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد فيصلي فيه مع المسلمين أو مع الإمام ، ثم ينتظر الصلاة التي بعدها إلا قالت الملائكة : اللهم اغفر له اللهم ارحمه الحديث .

                                                                                                          وأما حديث أنس فأخرجه البخاري بلفظ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ، ثم أقبل بوجهه بعد ما صلى فقال : صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها .

                                                                                                          وأما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه الطبراني وفيه : وإن من أتى المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما لم يحدث . قال الهيثمي في مجمع الزوائد : فيه عبد بن إسحاق العطار وهو متروك ورضيه أبو حاتم ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب ، انتهى .

                                                                                                          وأما حديث سهل بن سعد فلينظر من أخرجه .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما بألفاظ .




                                                                                                          الخدمات العلمية