الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3141 حدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه فقال بعضهم لا تسألوه فإنه يسمعكم ما تكرهون فقالوا له يا أبا القاسم حدثنا عن الروح فقام النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع رأسه إلى السماء فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله ) هو ابن مسعود

                                                                                                          قوله : ( في حرث ) بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مثلثة ( وهو يتوكأ ) أي يعتمد ( على عسيب ) بمهملتين وآخره موحدة بوزن عظيم ، وهي الجريدة التي لا خوص فيها ، ووقع في رواية ابن حبان ومعه جريدة .

                                                                                                          قال ابن فارس : العسبان من النخل كالقضبان من غيرها ( بنفر من اليهود ) هذا اللفظ معرفة تدخله اللام تارة وتارة يتجرد وحذفوا منه ياء النسبة ففرقوا بين مفرده وجمعه كما قالوا : زنج وزنجي ( حتى صعد الوحي ) أي حامله ( ثم قال الروح من أمر ربي ) .

                                                                                                          [ ص: 459 ] قال الرازي في تفسيره : المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة ، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه ، وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته ، وهل هي متحيزة أم لا ؟ وهل هي حالة في متحيز أم لا ؟ وهل هي قديمة أو حادثة ؟ وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد أو تفنى ؟ وما حقيقة تعذيبها وتنعيمها وغير ذلك من متعلقاتها ، قال : وليس في السؤال ما يخصص أحد هذه المعاني إلا أن الأظهر أنهم سألوه عن الماهية وهل الروح قديمة أو حادثة .

                                                                                                          والجواب يدل على أنها شيء موجود مغاير للطبائع والأخلاط وتركيبها فهو جوهر بسيط مجرد لا يحدث إلا بمحدث ، وهو قوله تعالى كن فكأنه قال : هي موجودة محدثة بأمر الله وتكوينه ، ولها تأثير في إفادة الحياة للجسد ، ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه . قال ويحتمل أن يكون المراد بالأمر في قوله : من أمر ربي الفعل ، كقوله : وما أمر فرعون برشيد أي فعله .

                                                                                                          فيكون الجواب : الروح من فعل ربي ، إن كان السؤال هل هي قديمة أو حادثة فيكون الجواب : إنها حادثة ، إلى أن قال : وقد سكت السلف عن البحث في هذه الأشياء والتعمق فيها . انتهى .

                                                                                                          وما أوتيتم من العلم إلا قليلا بالنسبة إلى علمه تعالى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية